قوله تعالى: { وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ } هذا تعجيب من سوء حالهم. { فِي سَمُومٍ } قال ابن قتيبة: هو حرّ النار. { وَحَمِيمٍ } هو الماء الحار. وقد سبق تفسيرهما. { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } يَفْعُول، من الأحم، وهو الأسود الشديد السواد. قال الفراء: الدخان الأسود. وقال ابن عباس: ظل من دخان. ثم نعته فقال: { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } قال ابن عباس: لا بارد المدخل ولا كريم المنظر. { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ } في الدنيا { مُتْرَفِينَ } أي: مُمَتَّعين مُنَعَّمين منهمكين في اللذات، راكبي رؤوسهم في اتباع الشهوات. { وَكَانُواْ } مع ذلك { يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ }. قال الحسن والضحاك وابن زيد: هو الشرك بالله. وقال مجاهد وقتادة: هو الذنب العظيم لا يتوبون منه. وقال الشعبي: هو اليمين الغموس. يشير - والله أعلم - إلى حلفهم أنهم لا يُبْعَثُون. ويدل عليه قوله: { وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ }. قرأ ابن عامر وأهل الكوفة: " أئذا " بهمزتين محقَّقتين، وفصل بينهما بألف؛ هشام، الباقون بتحقيق الأولى وتليين الثانية، وفصل بينهما بألف: أبو عمرو وقالون، ولم يقرأه أحد على الخبر. وقرأ نافع والكسائي: " إنا " على الخبر، الباقون: بهمزتين، وحققهما ابن عامر وعاصم وحمزة، وفصل بينهما بألف: هشام، وحقق الأولى وليّن الثانية: ابن كثير وأبو عمرو، وزاد أبو عمرو الفصل بألف. وقد أشرنا إلى علة ذلك في أوائل الرعد. وقرأ نافع وابن عامر: " أوْ آباؤنا " بسكون الواو. وقد ذكرته في الصافات، وبيّنت معناه. قال الزمخشري: إن قلت: كيف حَسُنَ العطف على المضمر في: { لَمَبْعُوثُونَ } من غير تأكيد؟ قلتُ: حَسُنَ للفاصل الذي هو الهمزة، كما حَسُنَ في قوله:{ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا } [الأنعام: 148] لفصل " لا " المؤكدة للنفي. و " مِنْ " في قوله: { مِنْ شَجَرٍ } لابتداء الغاية، وفي قوله: { مِنْ زَقُّوم } لبيان الشجر وتفسيره. وأنَّث ضمير الشجر على المعنى، وذكَّره على اللفظ في قوله: " منها " و " عليه ". ويجوز عندي: أن يكون الضمير في قوله: { فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ } راجعاً إلى " الزقوم " ، يدل عليه قراءة من قرأ: " من [شَجَرَة] ". وما لم أذكره مُفسّر في مواضعه. قوله تعالى: { فشاربون شُرْبَ الهيم } قرأ نافع وعاصم وحمزة وأبو جعفر: " شُرْبَ " بضم الشين. وقرأ الباقون من العشرة: بفتحها. قال الزجاج: " الشَّرْبُ " - بالفتح -: المصدر، وبالضم: الاسم. وقال الزمخشري: هما مصدران. وقال الكسائي: قوم من بني سعد يقولون: " شِرْبَ الهيم " بكسر الشين. قال غيره: " الشِّرْبُ " - بكسر الشين - بمعنى: المشروب. والهِيمُ: الإبل التي بها الهُيام، وهو داءٌ لا تَرْوى معه من شُرْب الماء.