الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }

{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ } القرآن. { بِالحَقِّ } مقروناً بالحق، وأل فى الكتاب للعهد الذهنى، وبالحق متعلق بحال محذوفة كما رأيت، أو بنعت محذوف هو ومنعوته مفعول مطلق، أى انزالا قروناً بالحق لا كذب فيه، ولا شك ولا عبث. { مُصَدِّقًا لِّمَا بَينَ يَدَيهِ مِنَ الكِتَابِ } مصدقاً حال من الكتاب ثانية ان علقنا قوله { بِالحَقِّ } بحال محذوفة، والا فحال غير مسبوقة بأخرى، وعلى تقدير حال أول فى قوله { بِالحَقِّ } يجوز وجه آخر فى مصدقاً، وهو أنه حال من الضمير فى الحال المقدرة، والمراد بالكتاب هنا جنس الكتب الصادق بكتب الله فقط، ويجوز أن تكون أل للعهد الذهنى، لأن الكتب لله كلها التوراة والانجيل ما سبقه من الكتب وغيرهما عهد فى الأذهان، ومعنى تصديقه ما بين يديه تقريره. { وَمُهَيْمِنًا عَلَيهِ } رقيباً على ما بين يديه من كتب الله، يحفظها عن أن يقبل ما ينسب اليها، وليس منها، وعن ابن عباس شاهداً عليها بالصدق، وقال المبرد والزجاج أمينا عليها فيما يكون فيه من أخبارها، فهو عندهما مؤتمن من الأمانة، تقول فلان أمين على كذا، فهو بمعنى أمين لكن أبدلت همزة مؤتمن المصورة واوا هاء وفتحت وكسرت الميم، وفيه تكلف وأبدلت التاء ياء وقرىء فتح الميم الثانية بمعنى مؤتمن أى مجعول أمينا على الكتب، فهو لفظ مؤتمن قبلت همزته هاء، والتاء ياء، أو هذه القراءة من هو عليه بالبناء للمفعول، أى حوفظ عليه بمعنى أن القرآن حفظه الله، وقوى أهله على حفظه ووفقهم، لو غير منه حرف أو حركة أو سكون لم يخف، ولتنبه الناس له، وردوا ذلك ولم يقبلوه، والحمد لله وذلك فى كل عصر. { فَاحكُم } يا محمد. { بَيْنَهُم } بين اليهود والنصارى، وبين اليهود وبين النصارى. { بِمَا أَنزَلَ اللهُ } اليك فى القرآن، فانه الواجب عليهم. { وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ } فى الحكم كما هويت اليهود تغيير الرجم الى التسويد والجلد. { عَمَّا جَآءَكَ مِنَ الحَقِّ } كرجم المحصن، وأمر القبلة وتعلق عما تتبع، لأن معنى لا تتبع أهواءهم الخ لا تمل مع أهوائهم عما جاءك من الحق، أو يعلق بمحذوف، والمحذوف حال، أى لا تتبع أهواءهم معرضاً عما جاءك من الحق، أو مائلا عما جاءك من الحق. { لِكُلِّ جَعَلْنَا مِنكُم شِرعَةً وَمِنْهَاجاً } لكل واحدة منكم يا معشر الأمم، أو لكل واحد منكم يا معشر الأنبياء، جعلنا شرعة ومنهاجاً، الا أن بعضاً يتبع بعضاً كما تبع نبيون كثيرون موسى، فهم عامته فى اتباع التوراة، بل هم من أمته ولا اشكال، فلأمة موسى الى عيسى شرعة ومنهاج، ولأمة عيسى الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شرعة ومنهاج، وللناس كلهم اليهود والنصارى والعرب وغيرهم شرعة ومنهاج، من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قيام الساعة، واستدل بعض بهذه الآية على أنا غير متعبدين بالشرائع المتقدمة.

السابقالتالي
2