الرئيسية - التفاسير


* تفسير التفسير الكبير / للإمام الطبراني (ت 360 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ }

قَوْلُهُ تَعَالَى: { قُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ }؛ يعني الإيْمَانَ والقُرْآنَ؛ أي ظَهَرَ الإسلامُ والقُرْآنُ، { وَمَا يُبْدِىءُ ٱلْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ }؛ معناهُ: ذهبَ الباطلُ وزَهِقَ، فلم يَبْقَ له بَقِيَّةٌ يُبدِئُ بها ولا يعيدُ. قال الحسنُ: (الْبَاطِلُ: كُلُّ مَعْبُودٍ سِوَى اللهِ، فَإنَّ كُلَّ مَعْبُودٍ سِوَى اللهِ لاَ يُبْدِئُ لأَهْلِهِ خَيْراً فِي الدُّنْيَا، وَلاَ يُعِيْدُ بخَيْرِهِ فِي الآخِرَةِ). فقال قتادةُ: (الْبَاطِلُ إبْلِيْسُ؛ أيْ مَا يَخْلُقُ إبْلِيْسُ أَحَداً وَلاَ يَبْعَثُهُ).

ويجوزُ أن يكون هذا اسْتِفْهَاماً، كأنَّهُ قالَ: وأيُّ شيءٍ يُبدِئُ الباطلُ؟ وأيُّ شيء يعيدهُ؟ وعنِ ابنِ مسعودٍِ قال: " دَخَلَ رَسُُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ وَحَوْلَ الْكَعْبَةِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَسُتُّونَ صَنَماً، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بعُودٍ مَعَهُ وَيَقُولُ: " جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً، جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيْدُ " أيْ ذهبَ الباطلُ بحيثُ لا يبقَى له بقيَّة، لا إقبالٌ ولا إدبارٌ ولا إبداءٌ ولا إعادة كما قَالَ تَعَالَىبَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ } [الأنبياء: 18]. ويقالُ: فلانٌ ظهرَتْ عليه الحجَّة، فما يُبدِئُ وما يعيدُ، ومَا يحل وما يَمرُّ.