الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ }

القراءة: في الشواذ قرأ ابن مُحيصَن يذبحون أبناءكم. الحجة: قال ابن جني وجه ذلك أنَّ فعلت بالتخفيف قد يكون فيه معنى التكثير وذلك لدلالة الفعل على مصدره والمصدر اسم الجنس وحسبك بالجنس سعة وعموماً وأنشد أبو الحسن:
أنْتَ الفِدَاءُ لِقبْلَةٍ هَدَّمتَهَا   ونَقَرَتْهَا بِيَدَيكَ كلِّ مُنَقَّرِ
فكأنه قال ونَقْرتها لأن قولـه كل منقّر عليه جاء ولما في الفعل من معنى المصدر الدال على الجنس لم يجز تثنيته ولا جمعه لاستحالة كل واحد من التثنية والجمع في الجنس. اللغة: الإنجاء والتنجية والتخليص واحد والنجاة والخلاص والسلامة والتخلص واحد ويقال للمكان المرتفع نجوة لأن الصائر إليه ينجو من كثير من المضار وفرق بعضهم بين الإنجاء والتنجية فقال: الإنجاء يستعمل في الخلاص قبل وقوعه في الهلكة والتنجية يستعمل في الخلاص بعد وقوعه في الهلكة والآل والأهل واحد وقيل أصل آل أهل لأن تصغيره أهيل وحكى الكسائي أويل فزعموا أنها أبدلت كما قالوا هيهات وايهات وقيل لا بل هو أصل بنفسه والفرق بين الآل والأهل أن الأهل أعم منه يقال أهل البصرة ولا يقال آل البصرة ويقال آل الرجل قومه وكل من يؤول إليه بنسب أو قرابة مأخوذ من الأول وهو الرجوع وأهله كل من يضمه بيته وقيل آل الرجل قرابته وأهل بيته وآل البعير الواحة وآل الخيمة عمده وآل الجبل أطرافه ونواحيه وقال ابن دريد آل كل شيء شخصه وآل الرجل أهله وقرابته قال الشاعر:
وَلاَ تَبْكِ مَيْتاً بَعْدَ مَيْتٍ أجِنَّهُ   عَلِيٌّ وعَبَّاسٌ وَآلُ أبِي بَكْر
وقال أبو عبيدة: سمعت أعرابياً فصيحاً يقول أهل مكة آل الله فقلنا: ما تعني بذلك؟ قال: أليسوا مسلمين المسلمون آل الله قال: وإنما يقال آل فلان للرئيس المتبع وفي شبه مكة لأنها أم القرى ومثل فرعون في الضلال واتّباع قومه له فإذا جاوزت هذا فإن آل الرجل أهل بيته خاصة فقلنا له: أفتقول لقبيلته آل فلان؟ قال: لا إلا أهل بيته خاصة وفرعون اسم لملك العمالقة كما يقال لملك الروم قيصر ولملك الفرس كسرى ولملك الترك خاقان ولملك اليمن تُبّع فهو على هذا بمعنى الصفة وقيل إن اسم فرعون مصعب بن الريان وقال محمد بن إسحاق: هو الوليد بن مصعب { يسومونكم } يكلفونكم من قولـهم سامه خُطَة خسف إذا كلفه إياه وقيل يولونكم سوء العذاب وسامه خسفاً إذا أولاه ذلاً قال الشاعر:
إنْ سيمَ خَسْفاً وَجْهُهُ تَرَبَّدَا   
وقيل يحشِّمونكم وقيل يعذبونكم وأصل الباب السوم الذي هو إرسال الإبل في الرعي وسوء العذاب وأليم العذاب وشديد العذاب نظائر. قال صاحب العين: السوء اسم العذاب الجامع للآفات والداء يقال سُؤتُ فلاناً أسوؤُه مساءة ومسائية واستاء فلان من السوء مثل اهتمّ من الهم والسوأة الفعلة القبيحة والسوأة الفرج والسوأة أيضاً كل عمل شين وتقول في النكرة رجل سَوء كما يقال رجل صدق فإذا عرّفت قلت الرجل السوء فلا تضيفه ولا تقول الرجل الصدق وقولـه بيض من غير سوء أي من غير بَرص والذبح والنحر والشق نظائر والذبح فري الأوداج والتذبيح التكثير منه وأصله الشق يقال ذبحت المسك إذا فتقت عنه قال:

السابقالتالي
2 3