الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

اختلف القرّاء في قراءة قوله: { ألا إنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } فقرأته عامة الأمصار: { ألا إنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } على تقدير يفعلون من «ثنيت»، والصدور منصوبة. واختلفت قارئو ذلك كذلك في تأويله، فقال بعضهم: ذلك كان من فعل بعض المنافقين كان إذا مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم غطى وجهه وثنى ظهره. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن شعبة، عن حصين، عن عبد الله بن شدّاد في قوله: { ألا إنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } قال: كان أحدهم إذا مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم قال بثوبه على وجهه وثنى ظهره. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قوله: { ألا إنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ } قال: من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان المنافقون إذا مرّوا به ثنى أحدهم صدره ويطأطىء رأسه، فقال الله: { ألا إنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ }... الآية. حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: ثنا هشيم، عن حصين، قال: سمعت عبد الله بن شداد يقول، في قوله: { يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } قال: كان أحدهم إذا مرّ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ثنى صدره، وتغشى بثوبه كي لا يراه النبيّ صلى الله عليه وسلم. وقال آخرون: بل كانوا يفعلون ذلك جهلاً منهم بالله وظنًّا أن الله يخفى عليه ما تضمره صدورهم إذا فعلوا ذلك. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } قال: شكاً وامتراء في الحقّ، ليستخفوا من الله إن استطاعوا. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } شكًّا وامتراء في الحقّ. { لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ } قال: من الله إن استطاعوا. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } قال: تضيق شكًّا. حدثنا المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } قال: تضيق شكًّا وامتراء في الحقّ، قال: { لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ } قال: من الله إن استطاعوا. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه. حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: { ألا إنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } قال: من جهالتهم به، قال الله: { ألاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ } في ظلمة الليل في أجوف بيوتهم، { يَعْلَمُ } تلك الساعة { ما يُسِرّونَ وَما يُعْلِنُونَ إنَّهُ عَلِيمٌ بذاتِ الصُّدُور }.

السابقالتالي
2 3