قوله { طسم } فيه أربعة أوجه: أحدها: أنه اسم من أسماء الله أقسم به، والمقسم عليه { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ } ، قاله ابن عباس. الثاني: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة. الثالث: أنه من الفواتح التي افتتح الله بها كتابه، قاله الحسن. الرابع: أنها حروف هجاء مقطعة من أسماء الله وصفاته: أما الطاء ففيها قولان: أحدهما: أنها من الطول. الثاني: أنها من الطاهر. وأما السين ففيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها من القدوس. الثاني: أنها من السميع. الثالث: من السلام. وأما الميم ففيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها من المجيد. الثاني: من الرحيم. الثالث: من الملك. ولأصحاب الخواطر في تأويل ذلك قولان: أحدهما: أن الطاء شجرة طوبى، والسين سدرة المنتهى، والميم محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. الثاني: أن الطاء طرب التائبين، والسين ستر الله على المذنبين، والميم معرفته بالغاوين، وقد ذكرنا في تفسير { الم } من زيادة الـتأويلات ما يجزىء تخريجه قبل هذا الموضع. قوله { بَاخِعٌ نَّفْسَكَ } فيه وجهان: أحدهما: قاتل نفسك، قاله ابن عباس، ومجاهد، والبخع القتل، قاله ذو الرمة:
ألا أيهـذا الباخـع الـوجـد نفسـه
بشيءٍ نحتـه عن يـديـه المـقـادِرُ
الثاني: محرج نفسك، قاله عطاء، وابن زيد. قوله: { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ ءَايَةً } فيها وجهان: أحدهما: ما عظم من الأمور القاهرة. الثاني: ما ظهر من الدلائل الواضحة. { فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } فيه أربعة أوجه: أحدها: لا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصيته. الثاني: أنه أراد أصحاب الأعناق فحذفه وأقام المضاف إليه مقامه، ذكره ابن عيسى. الثالث: أن الأعناق الرؤساء، ذكره ابن شجرة، وقاله قطرب. الرابع: أن العنق الجماعة من الناس، من قولهم: أتاني عنق من الناس أي جماعة، ورأيت الناس عنقاً إلى فلان، ذكره النقاش. قوله { أَوَلَمْ يَرَواْ إِلَى الأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ } أي نوع معه قرينة من أبيض وأحمر، وحلو وحامض. أحدها: حسن، قاله ابن جبير. الثاني: أنه مما يأكل الناس والأنعام، قاله مجاهد. الثالث: أنه النافع المحمود كما أن الكريم من الناس هو النافع المحمود. الرابع: هم الناس نبات الأرض كما قال تعالى:{ وَاللَّهُ أَنَبتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً } [نوح: 17] فمن دخل الجنة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم.