الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ وَلِيُخْزِيَ ٱلْفَاسِقِينَ }

قوله: { مَا قَطَعْتُمْ }: " ما " شرطيةٌ في موضع نصب بـ " قَطَعْتم " و " مِنْ لينةٍ " بيانٌ له. و " فبإِذنِ اللهِ " جزاء الشرطِ. ولا بُدَّ مِنْ حذفٍ، أي: فقَطْعُها بإذنِ الله، فيكون " بإذنِ الله " الخبرَ لذلك المبتدأ. واللينةُ فيها خلافٌ كثير، قيل: هي النخلةُ مطلقاً، وأُنْشِد:
4244ـ كأن قُتودي فوقها عُشُّ طائرٍ   على لِيْنَةٍ سَوْقاءَ تَهْفوا جُنوبها
وقال آخر:
4245ـ طِراقُ الخوافِي واقعٌ فوقَ لِينة   نَدَى لَيْلهِ في ريشه يَتَرَقْرَقُ
وقيل: هي النخلة ما لم تكن عجوةً. وقيل: ما لم تكن عَجْوةً ولا بَرْنِيَّة. وقيل: هي النخلةُ الكريمة. وقيل: ما تَمْرُها لُوْنٌ، وهو نوعٌ من التمر، قال سفيان: هو شديدُ الصُّفْرة يَشِفُّ عن نواةٍ. وقيل: هي العَجْوة. وقيل: هي الفُسْلان وأنشد:
4246ـ غَرَسوا لينةً بمَجرى مَعِيْنِ   ثم حُفَّ النخيلُ بالآجامِ
وقال آخر:
4247ـ قد جَفاني الأَحْبابُ حين تَغَنَّوا   بفراقِ الأحبابِ مِنْ فوقِ ليْنَهْ
وقيل: هي أغصان الشجر للينِها.

وفي عين " لِينة " قولان، أحدهما: أنها واوٌ لأنه من اللون، وإنما قُلِبَتْ ياءً لسكونِها وانكسارِ ما قبلَها كدِيْمة وقيمة. الثاني: أنها ياءٌ لأنها من اللِّين. وجَمْعُ اللِّينة لِيْن لأنه من بابِ اسم الجنس كتَمْرة وتَمْر. وقد كُسِّر على " لِيان " وهو شاذٌّ؛ لأنَّ تكسيرَ ما يُفَرَّقُ بتاءِ التأنيث شاذٌّ كرُطَبَة ورُطَب وأَرْطاب. وأُنْشد:
4248ـ وسالفةٌ كسَحُوْقِ اللِّيا   ن أَضْرَمَ فيه الغَوِيُّ السُّعُرْ
/ والضميرُ في " تَرَكْتموها " عائدٌ على معنى " ما " وقرأ عبدُ الله والأعمش وزيدُ بن علي " قُوَّماً " على وزنِ ضُرَّب؛ جمعَ " قائم " مراعاةً لمعنى " ما " فإنه جمعٌ. وقُرِىءَ " قائماً " مفرداً مذكراً. وقُرِىء " أُصُلِها " بغير واو. وفيه وجهان، أحدهما: أنه جمعُ " أَصْلٍ " ، نحو: رَهْن ورُهُن. والثاني: أن يكونَ حَذَفَ الواوَ استثقالاً لها.

قوله: { وَلِيُخْزِيَ } اللامُ متعلقةٌ بمحذوفٍ، أي: ولِيُخْزِيَ أَذِنَ في قَطْعِها، أو ليُسِرَّ المؤمنين ويُعِزَّهم ولِيُخْزِيَ.