الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } * { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً }

قوله: { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ }.

تقدم الخلاف فيه.

وأبو عمرو يقرأ هنا: " واللاّئي يئسن " بالإظهار.

وقاعدته في [مثله] الإدغام، إلا أن الياء لما كانت عنده عارضة لكونها بدلاً من همزة، فكأنه لم يجتمع مثلان، وأيضاً فإن سكونها عارض، فكأن ياء " اللائي " متحركة، والحرف ما دام متحركاً لا يدغم في غيره، وقرىء: " يَئِسْنَ " فعلاً ماضياً.

وقرىء: " يَيْئَسْنَ " مضارع.

و { مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ }.

" من " الأولى لابتداء الغاية، وهي متعلقة بالفعل قبلها، والثانية للبيان متعلقة بمحذوف.

و " اللاَّئِي " مبتدأ، و " فَعدَّتُهُنَّ " مبتدأ ثانٍ، و " ثَلاثةُ أشْهُرٍ " خبره، والجملة خبر الأول، والشرط معترض، وجوابه محذوف.

ويجوز أن يكون " إن ارْتَبْتُمْ " جوابه { فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ } ، والجملة الشرطية خبر المبتدأ، ومتعلق الارتياب محذوف، تقديره: إن ارتبتم في أنها يئست أم لا لإمكان ظهور حمل وإن كان انقطع دمها.

وقيل: إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ اليأس أهو دم حيض، أو استحاضة، وإذا كان هذا عدة المرتاب فيها فغير المُرتَاب فيها أولى.

وأغرب ما قيل: إن " إنِ ارتَبْتُمْ " بمعنى: تَيَقَّنْتُمْ، فهو من الأضداد.

قوله: { وَٱللاَّتِي لَمْ يَحِضْنَ }.

مبتدأ، خبره محذوف، فقدره جملة كالأولى، أي: فعدتهن ثلاثة أشهر أيضاً، والأولى أن يقدر مفرداً، أي: فكذلك أو مثلهن.

ولو قيل: بأنه معطوف على " اللاَّئِي يَئِسْنَ " عطف المفردات، وأخبر عن الجمع بقوله: " فعدَّتُهُنَّ " لكان وجهاً حسناً، وأكثر ما فيه توسُّطُ الخبر بين المبتدأ وما عطف عليه. وهذا ظاهر قول أبي حيان: و { وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ } معطوف على قوله " واللاَّئِي يَئِسْنَ " ، فإعرابه مبتدأ كإعراب " واللائي ".

قوله: { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ } مبتدأ، و " أجَلُهُنَّ " مبتدأ ثانٍ، و " أن يَضَعْنَ " خبر المبتدأ الثاني وهو وخبره خبر الأول.

والعامَّة: على إفراد " حَمْلَهُنَّ ".

والضحاك: " أحْمَالهُنَّ ".

فصل في عدة التي لا ترى الدم

لما بين أمر الطلاق والرجعة في التي تحيض، وكانوا قد عرفوا عدة ذوات الأقراء عرفهم في هذه السورة عدة التي لا ترى الدم.

قال أبو عثمان عمير بن سليمان: لما نزل عدة النِّساء في سورة البقرة في المطلقة والمتوفى عنها زوجها، قال أبيُّ بن كعب: يا رسول الله، إن ناساً يقولون: قد بقي من النساء من لم يذكر فيهن شيء، الصغار والكبار وذوات الحَمْل، فنزلت: { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ } الآية.

وقال مقاتل: لما ذكر قوله تعالى:وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ } [البقرة: 228] قال خلاّد بن النعمان: يا رسول الله، فما عدّة التي لم تَحِضْ، وعدة التي انقطع حيضها وعدة الحُبْلى؟ فنزلت: { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ } ، يعني: قعدن عن الحيض.

السابقالتالي
2 3 4