الرئيسية - التفاسير


* تفسير حاشية الصاوي / تفسير الجلالين (ت1241هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً }

قوله: { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ } الخ، سبب نزولها: " أنه صلى الله عليه وسلم لما اشاعت حفصة ما أسرها به، اغتم صلى الله عليه وسلم وحلف أن لا يدخل عليهن شهراً مؤاخذة عليهن، ومكث الشهر في بيت مارية، فلما مضت تسع وعشرون ليلة، بدأ بعائشة فدخل عليها فقالت له: إنك أقسمت على شهر، وإن دخلت في تسع وعشرين ليلة، فقال لها: هذا الشهر تسع وعشرون ليلة، ولما بلغ عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتزل نساءه، وشاع عند الناس أنه طلقهن، أتاه فوجده في مشربة، قال عمر: فدخلت على حفصة وهي تبكي، فقلت: أطلقكن رسول الله؟ قالت: لا أدري ها هو ذا معتزل في هذه المشربة، فاستأذنت عليه فأذن لي، فدخلت فسلمت عليه، فإذا هو متكئ على رمال حصير قد آثر في جنبه، فقلت: يا رسول أطلقت نساءك؟ فرفع رأسه إلي قوال: لا، فقلت: الله أكبر، لو رأيتنا يا رسول الله، وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة، وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤها يتعلمن من نسائهم، فما زال يلاطفه بالكلام حتى تبسم، وقال له: يا رسول الله، لا يشق عليك من أمر النساء، فإن كنت طلقتهن، فإن الله معك، وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، قال عمر: وقلما تكلمت بكلام، إلا رجوت الله بصدق قولي الذي أقوله، فنزلت هذه الآية وآية { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } " الخ، فاستأذن عمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس أنه لم يطلق نساءه، فأذن له، فقام على باب المسجد ونادى بأعلى صوته: لم يطلق رسول الله نساءه، قالت عائشة: ثم بعد هذه القضية نزلت آية التخيير، فبدأ بي فاخترته، ثم خيرهن فاخترنه، وآية التخيير هي قوله تعالى:يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا } [الأحزاب: 28] إلى قولهعَظِيماً } [الأحزاب: 29]. قوله: { إِن طَلَّقَكُنَّ } أي جميعاً، فلا ينافي أنه وقع منه طلاق لحفصة طلقة واحدة وأمر بمراجعتها، فطلاقه لها كالعدم، فالتعليق إنما هو على تطليق الجميع، مع عدم المراجعة والتبديل للكل، لكونه مرتباً على تطليق الكل. قوله: (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتات سبعيتان.

قوله: { خَيْراً مِّنكُنَّ } أي بأن يطردكن ويأتي له بنساء أخر خيراً منكن، إذ قدرة الله صالحة لرفع اقوام ووضع آخرين، فلا يقال كيف تكون المبدلات خيراً منهن، مع أنه لم يكن على وجه الأرض نساء خير منهن، لأننا نقول قدرة الله صالحة لذلك إن حصل المعلق عليه وهو لم يحصل. قوله: (خبر عسى) أي جملة { أَن يُبْدِلَهُ }. قوله: (والجملة جواب الشرط) أي جملة عسى واسمها وخبرها. إن قلت: إن هذه الجملة فعلها جامد، والجملة إذا كانت كذلك، ووقعت جواب شرط، وجب اقترانها بالفاء، فالمناسب أن تجعل دليل جواب محذوف.

السابقالتالي
2