الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ }

قوله: { مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }: العامَّةُ على كَسْرِ اللامِ اسمَ فاعلٍ، وانتصب به " الدّينَ " والحسن بفتحِها على معنى: أنهم يُخْلِصون هم أنفسهم في نياتهم، وانتصب " الدينَ " على أحدِ وجهَيْن: إمَّا إسقاطِ الخافضِ، أي: في الدين، وإمَّا على المصدر من معنى: ليَعْبُدوا، كأنه قيل: ليَدينوا الدينَ، أو ليعبدوا العبادةَ، فالتجوُّز: إمَّا من الفعلِ، وإمَّا في المصدر، وانتصابُ " مُخْلِصِين " على الحال مِنْ فاعل " يعبدون ".

قوله: { حُنَفَآءَ } حالٌ ثانيةٌ أو حال من الحالِ قبلَها، أي: من الضمير المستكنِّ فيها. وقوله: { وَمَآ أُمِرُوۤاْ } ، أي: وما أُمِروا بما أُمِروا به إلاَّ لكذا وقرأ عبد الله " وما أُمِروا إلاَّ أَنْ يَعْبُدوا " أي: بأَنْ يَعْبدوا. وتحريرُ مثلِها في قولهوَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [الآية: 71] في الأنعام.

وقوله: { وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ } أي: الأمَّةُ أو المِلَّةُ القيمةُ، أي: المستقيمة. وقيل: الكتبُ القَيِّمة؛ لأنها قد تقدَّمَتْ في الذِّكْرِ، قال تعالىٰ:فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } [البينة: 3]، فلَّما أعادها أعادَها مع أل العهديةِ كقوله:فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ } [المزمل: 16] وهو حسنٌ، قاله محمد بن الأشعت الطالقاني وقرأ عبد الله: " وذلك الدِّين القيمةِ " ، والتأنيثُ حينئذٍ: إمَّا على تأويلِ الدٍّين بالمِلة كقوله:
4613ـ..................   سائِلْ بني أسدٍ ما هذه الصَوْتُ
بتأويل الصيحة، وإمَّا على أنها تاءُ المبالغةِ كعَلاَّمة.