قوله جلّ ذكره: { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ }. أي جبريل عليه السلام. و { ذُو مِرَّةٍ }: أي ذو قوة وهو جبريل. { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } أي جبريل. { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ }. دنا جبريلُ من محمدٍ عليه السلام. فتدلَّى جبريلُ: أي نَزَلَ من العُلُوِّ إلى محمد. وقيل: " تدلَّى " تفيد الزيادةَ في القُرْب، وأَنَّ محمداً عليه السلام هو الذي دنا من ربِّه دُنُوَّ كرامة، وأَنَّ التدلِّى هنا معناها السجود. ويقال: دنا محمدٌ من ربِّه بما أُودِعَ من لطائفِ المعرفة وزوائِدها، فتدلَّى بسكون قلبه إلى ما أدناه. { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ }: فكان جبريل - وهو في صورته التي هو عليها - من محمد صلى الله عليه وسلم بحيث كان بينهما قَدْرُ قوسين أو أدنى. ويقال: كان بينه - صلى الله عليه وسلم - وبين الله قَدْر قوسين: أراد به دُنُوَّ كرامة لا دُنُوَّ مسافة. ويقال: كان من عادتهم إذا أرادوا تحقيقَ الأُلْفَةِ بينهم إِلصاقُ أحدِهم قوسَه بقوس صاحبه عبارةً عن عقد الموالاة بينهما، وأنزل اللَّهُ - سبحانه - هذا الخطابَ على مقتضى معهودهم. ثم رفع اللَّهُ هذا فقال: { أَوْ أَدْنَىٰ } أي بل أدنى.