الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }

القراءة، والمعنى:

قرأ نافع، وابن عباس، قيما بغير الف. اختلف أهل التأويل فيمن المراد بالسفهاء المذكورين في الآية، فقال ابن عباس، وسعيد بن جبير، والحسن، والسدي، والضحاك، ومجاهد، وقتادة، وأبو مالك: إنهم النساء والصبيان، وهو الذي رواه أبو الجارود، عن أبي جعفر (ع) وقال سعيد بن جبير، والحسن وقتادة، في رواية أخرى عنهم: أنهم الصبيان الذين لم يبلغوا فحسب، وقال أبو مالك، معناه: لا تعط ولدك السفيه مالك فيفسده الذي هو قيامك وقال ابن عباس في رواية أخرى: إنها نزلت في السفهاء وليس لليتامى في ذلك شيء، وبه قال ابن زيد، وقال ابو موسى الاشعري ثلاثة يدعون فلا يستجيب الله لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، وقال: اللهم خلصني منها، ورجل أعطى مالا سفيهاً، وقد قال الله: { ولاتؤتوا السفهاء أموالكم } ، ورجل له على غيره مال فلم يشهد عليه. وقد روي عن أبي عبد الله (ع) ان السفيه شارب الخمر، ومن جرى مجراه، وقال المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: زعم حضرمي أن المراد به النساء خاصة، وروي ذلك عن مجاهد، والضحاك، وابن عمر، والأولى حمل الآية على عمومها في المنع من اعطاء المال السفيه، سواء كان رجلا أو امرأة بالغاً أو غير بالغ.

والسفيه هو الذي يستحق الحجر عليه، لتضييعه ماله، ووضعه في غير موضعه، لأن الله تعالى قال عقيب هذه الاوصاف: { وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح، فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم } فامر الأولياء بدفع الأموال إلى اليتامى إذا بلغوا، وأونس منهم رشد، وقد يدخل في اليتامى الذكور والاناث، فوجب حملها على عمومها.

اللغة:

فأما من حمل الآية على النساء خاصة، فقوله ليس بصحيح، لأن فعيلة لا يجمع فعلاء، وانما يجمع فعايل وفعيلات، كغريبة وغرايب وغريبات، وقد جاء: فقيرة وفقراء، ذكره الرماني. فأما الغرباء فجمع غريب

المعنى:

وقوله: { أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم } اختلفوا في معناه. فقال ابن عباس، وأبو موسى الاشعري، والحسن، وقتادة، ومجاهد، وحضرمي. معناه: لا تؤتوا يا أيها الرّشد السفهاء من النساء والصبيان - على ما ذكرنا من اختلافهم - { أموالكم التي جعل الله لكم } يعني أموالكم التي تملكونها، فتسلطوهم عليها، فيفسدوها، ويضيعوها، ولكن { ارزقوهم فيها } إن كانوا ممن يلزمكم نفقته، واكسوهم { وقولوا لهم قولاً معروفاً }. وقال السدي: معناه: لا تعط امرأتك وولدك مالك، فيكونوا هم الذين ينفقون ويقومون عليك، واطعمهم من مالك، واكسهم. وبه قال ابن عباس، وابن زيد. وقال سعيد ابن جبير: يعني بـ { أموالكم } أموالهم، كما قال:ولا تقتلوا أنفسكم } قال: واليتامى لا تؤتوهم أموالهم، { وارزقوهم فيها واكسوهم }.

السابقالتالي
2