الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ }

وقوله تعالى: { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } جملة من خبر مقدم ومبتدأ مؤخر في موضع الحال من الضمير في { حَمَّالَةَ } وقيل من { امْرَأَتُهُ } المعطوف على الضمير وقيل الظرف حال منها و { حَبْلٌ } مرتفع به على الفاعلية وقيل هو خبر لامرأته وهي مبتدأ لا معطوفة على الضمير و { حَبْلٌ } فاعل وعلى قراءة { حمالة } بالرفع قيل { امْرَأَتُهُ } مبتدأ و { حمالة } خبر وفي { جِيدِهَا حَبْلٌ } خبر ثان أو حال من ضمير { حمالة } أو الظرف كذلك و { حبل } مرتفع به على الفاعلية أو { امرأته } مبتدأ و { حمالة } صفته لأنه للماضي فيتعرف بالإضافة والخبر على ما سمعت أو { امرأته } عطف على الضمير و { حمالة } خبر مبتدأ محذوف أي هي حمالة وما بعد خبر ثان أو حال من ضمير { حمالة } على نظير ما مر. وفي التركيب غير ذلك من أوجه الإعراب سيذكر إن شاء الله تعالى وبعض ما ذكرناه هٰهنا غير مطرد على / جميع الأوجه في معنى الآية كما لا يخفى عند الاطلاع عليها على المتأمل.

والمسد ما مسد أي فتل من الحبال فتلاً شديداً من ليف المقل على ما قال أبو الفتح ومن أي ليف على ما قيل وقيل من لحاء شجر باليمن يسمى المسد وروي ذلك عن ابن زيد وقد يكون كما في «البحر» من جلود الإبل أو أوبارها ومنه قوله:
وَمَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانِقِ   ليست بأنيابٍ ولا حَقَائِقِ
أي في عنقها حبل مما مسد من الحبال والمراد تصويرها بصور الحطابة التي تحمل الحزمة وتربطها في جيدها تخسيساً لحالها وتحقيراً لها لتمتعض من ذلك ويمتعض بعلها إذ كانا في بيت العز والشرف وفي منصب الثروة والجدة ولقد عير بعض الناس الفضل بن العباس بن عتبة بن أبـي لهب بحمالة الحطب فقال:
ما ذا أردت إلى شتمى ومنقصتي   أم ما تعير من حمالة الحطب
غراء شادخة في المجد غرتها   كانت سليلة شيخ ثاقب الحسب
وقد أغضبها ذلك فيروى أنها لما سمعت السورة أتت أبا بكر رضي الله تعالى عنه وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وبيدها فهر فقالت بلغني أن صاحبك هجاني ولأفعلن وأفعلن وإن كان شاعراً فأنا مثله أقول:
مذمما أبينا   ودينه قلينا
وأمره عصينا   
وأعمى الله تعالى بصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فروي أن أبا بكر قال لها هل ترى معي أحداً؟ فقالت أتهزأ بـي لا أرى غيرك فسكت أبو بكر ومضت وهي تقول قريش تعلم أني بنت سيدها فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام " لقد حجبني عنها ملائكة فما رأتني وكفى الله تعالى شرها. " وقيل إن ذلك ترشيح للمجاز بناء على اعتباره في

السابقالتالي
2 3