الرئيسية - التفاسير


* تفسير صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -) مصنف و مدقق


{ تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } * { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ } * { سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ } * { وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ } * { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ }

اللغَة: { تَبَّتْ } هلكت والتبابُ: الهلاك والخسران ومنه قوله تعالىوَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ } [غافر: 37] وقال الشاعر:
" فتباً للذي صنعوا "   
{ ذَاتَ لَهَبٍ } ذات اشتعال وتلهب { جِيدِهَا } عنقها قال امرؤ القيس:
" وجيدٍ كجيد الريم ليس بفاحش "   
{ مَّسَدٍ } ليف قال الواحدي: المسد في كلام العرب: الفتل، يقال مسد الحبل يمسده مسداً إِذا أجاد فتله، وكلُّ شيء فتل من الليف والخَوْص فهو مسد.

سبَبُ النّزول: عن ابن عباس قال: " لما نزلت { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا ونادى: يا بني فهر، يا بني عدي، لبطون من قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إِذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو الخبر، فاجتمعت قريش وجاء عمه " أبو لهب " فقالوا: ما وراءك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: أرأيتكم لو أخبرتكم أنَّ خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدِّقي؟ قالوا: نعم ما جربنا عليك كذباً قط، قال: فإِني { نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } فقال له أبو لهب: تباً لك يا محمد سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فأنزل الله { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ }.. " السورة.

ب - وعن طارق المحاربي قال " بينا أنا بسوق ذي المجاز إِذْ أنا بشاب حديث السن يقول أيها الناس: " قولوا لا إِله إِلا الله تفلحوا " وإِذا رجل خلفه يرميه قد أدمى ساقيه وعرقوبيه - مؤخر القدم - ويقول: يا أيها الناس إِنه كذابٌ فلا تصدقوه، فقلت: من هذا؟ فقالوا هو محمد يزعم أنه نبي، وهذا عمه " أبو لهب " يزعم أنه كذاب ".

التفسِير: { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ } أي هلكت يد ذلك الشقي { أَبِي لَهَبٍ } وخاب وخسر وضلَّ عمله { وَتَبَّ } أي وقد هلك وخسر، الأول دعاءٌ، والثاني إِخبارٌ كما يقال: أهلكه اللهُ وقد هلك قال المفسرون: التباب هو الخسار المفضي إِلى الهلاك، والمراد من اليد صاحبُها، على عادة العرب في التعبير ببعض الشيء عن كله وجميعه، وأبو لهب هو " عبد العُزى بن عبد المطلب " عم النبي صلى الله عليه وسلم وامرأته العوراء " أم جميل " أخت أبي سفيان، وقد كان كلٌ منهما شديد العداوة للرسول صلى الله عليه وسلم فلما سمعت امرأته ما نزل في زوجها وفيها، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر رضي الله عنه، وفي يدها فهْر - قطعة - من الحجارة، فلما دنت من الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ الله بصرها عنه فلم تر إِلاّ أبا بكر، فقالت يا أبا بكر: بلغني أن صاحبك يهجوني، فوالله لو وجدته لضربت بهذا الحجر فاه، ثم أنشدت تقول:

السابقالتالي
2 3