قوله تعالى: { وقال الله لا تتخذوا إِلهين اثنين } سبب نزولها: أن رجلاً من المسلمين دعا الله في صلاته، ودعا الرحمن، فقال رجل من المشركين: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً، فما بال هذا يدعو ربين اثنين؟ فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. قال الزجاج: ذِكْر الاثنين توكيد، كما قال تعالى: { إِنما هو إِله واحد }. قوله تعالى: { وله الدِّين واصِباً } في المراد بالدِّين أربعة أقوال: أحدها: أنه الإِخلاص، قاله مجاهد. والثاني: العبادة، قاله سعيد بن جبير. والثالث: شهادة أن لا إِله إِلاّ الله، وإِقامة الحدود، والفرائض، قاله عكرمة. والرابع: الطاعة، قاله ابن قتيبة. وفي معنى «واصباً» أربعة أقوال: أحدها: دائماً، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وعكرمة، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، وابن زيد، والثوري، واللغويون. قال أبو الأسود الدؤلي:
لا أَبْتَغِي الحمدَ القَليلَ بَقَاؤُه
يوماً بِذَمِّ الدَّهْرِ أجْمَعَ وَاصِبَا
قال ابن قتيبة: معنى الكلام: أنه ليس من أحدٍ يُدَان له ويُطاع إِلاّ انقطع ذلك عنه بزوالٍ أو هَلَكةٍ، غيرَ الله عز وجل، فإن الطاعة تدوم له. والثاني: واجباً، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثالث: خالصاً، قاله الربيع بن أنس. والرابع: وله الدين موصباً، أي: متعباً، لأن الحق ثقيل، وهو كما تقول العرب: همٌّ ناصب، أي: مُنْصِبٌ، قال النابغة:
كِلِينِي لِهَمٍّ يا أُمَيْمَةُ ناصِبِ
وليلٍ أقاسيه بطيىءِ الكواكبِ
ذكره ابن الأنباري. قال الزجاج: ويجوز أن يكون المعنى: له الدين، والطاعة، رضي العبد بما يُؤمَر به وسهل عليه، أو لم يسهل، فله الدين وإِن كان فيه الوصب، والوصب، شدة التعب.