الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ }

{ فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } أي: نفاقٌ وشكٌّ في وعد الله لإظهار دينه { يُسَارِعُونَ فِيهِمْ } أي: في مودتهم في الباطن والظاهرِ، من غير نظرٍ فيما يلحقهم من الضرر في دين الله، والفضيحة بالنفاق { يَقُولُونَ } أي: في عذرهم { نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ } أي: من دوائر الزمان، وصرف من صروفه، فتكون الدولة لهم، فنحتاج إليهم، فنحن نتحفّظ عن شرهم. ولا يتفكرون في أن الدائرة ربما تصيب من يوالونهم. والدائرة من الصفات الغالبة التي لا يذكر معها موصوفها. وأصلها: الخط المحيط بالسطح. استعيرت لنوائب الزمان، بملاحظة إحاطتها واستعمالها في المكروه. و (الدولة) ضدها، وقد ترد بمعنى (الدائرة) أيضاً، لكنه قليل. كذا في (العناية).

ثم ردّ تعالى عِلَلَهُم الباطلة، وقطع أطماعهم الفارغة، وبشّر المؤمنين بالظفر بقوله سبحانه: { فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ } أي: فتح مكة، عن السدّيّ. أو فتح قرى اليهود من خيبر وفدك، عن الضحّاك. وقال قتادة ومقاتل: هو القضاء الفصْل بنصره صلى الله عليه وسلم على أعدائه، وإظهار المسلمين { أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ } يقطع شأفة اليهود، ويجليهم عن بلادهم { فَيُصْبِحُواْ } أي: المنافقون { عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ } من الشك في ظهور الإسلام، أو من النفاق { نَادِمِينَ } لافتضاحهم بالنفاق مع الفريقين. وتعليق الندامة بما كانوا يكتمونه - لا بما كانوا يظهرونه من موالاة الكفرة - لما أنه الذي كان يحملهم على الموالاة ويغريهم عليها. فدلّ ذلك على ندامتهم عليها بأصلها وسببها.