قوله تعالى: { وَلاَ يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ } أي: في شك مما ألقى الشيطان على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقولون: ما باله ذكرها بخير ثم ارتدّ عنها. وهذا قول سعيد بن جبير والأكثرين. وقال ابن جريج: الكناية ترجع إلى القرآن. وقيل: إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. ويجوز عندي: أن يعود الضمير إلى " صراط مستقيم " لقربه وصحة المعنى في ردّه إليه، واشتماله على القولين المذكورين في القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم. { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً } يعني: القيامة، { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } وهو ما أصابهم يوم بدر. هذا قول ابن عباس وجمهور المفسرين. وقال الواحدي: حتى تأتيهم ساعة موتهم، أي: حتى يموتوا أو يقتلوا، وهو قوله: { أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ }. فإن قيل: لم وصف يوم بدر بأنه عقيم؟ قلتُ: لأنه لم يُنْتِج [للكفار] خيراً، ولأنه لا مثل له؛ لقتال الملائكة فيه. وقيل: أصل العقم في الولادة، يقال: امرأة عقيم: [لا تَلِد]، ورجل عقيم: لا يُولد له. وأنشدوا:
عَقِمَ النساءُ فلا يَلِدْنَ شبيهَه
إن النساءَ بمثلِهِ عُقْمُ
فوصفَ يوم الحرب بالعقيم؛ لأن النساء يقتُلْن أولادهن كأنهن عُقْمٌ لم يلدن. قوله تعالى: { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ } يعني: يوم القيامة { للَّهِ } يعني: لله وحده لا شريك له ولا منازع. { يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ } أي: بين المؤمنين والكافرين. ثم بيّن الحكم والفصل بينهم فقال: { فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } إلى قوله: { عَذَابٌ مُّهِينٌ }.