الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله: { نُتَخَطَّفْ }: العامَّةُ على الجزمِ جواباً للشرطِ. والمنقَري بالرفعِ على حَذْفِ الفاءِ كقوله:
3622ـ مَنْ يَفْعَلِ الحسناتِ اللهُ يَشْكرها     .......................
وكقراءة " يُدْرِكُكُمْ " [النساء: 78] بالرفع أو على التقديم، وهو مذهب سيبويه.

قوله: { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً } قال أبو البقاء: " عَدَّاه بنفسه لأنه بمعنى جَعَلَ. وقد صَرَّح به في قولِهأَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً } [العنكبوت: 67] ومَكَّن متعدٍّ بنفسِه مِنْ غيرِ أنُ يُضَمِّنَ معنى " جَعَلَ " كقوله: { مَكَّنَّاهم }. وقد تقدَّم تحقيقُه في الأنعام.

و " آمِناً " قيل: بمعنى مُؤَمَّن/ أي: يُؤَمَّن مَنْ دخله. وقيل: هو على حَذْفِ مضافٍ أي: آمناً أهلُه. وقيل: فاعِل بمعنى النَّسبِ أي: ذا أَمنٍ.

قوله: { يُجْبَىٰ } قرأ نافعٌ بتاءِ التأنيثِ مراعاةً للفظِ " ثَمَرات ". والباقون بالياء للفَصْلِ، ولأنه تأنيثٌ مجازيٌ. والجملةُ صفةٌ لـ " حرماً " أيضاً. وقرأ العامَّةُ " ثَمَرات " بفتحَتْين. وأبان بضمتين جمع ثُمُر بضمتَيْن. وبعضُهم بفتحٍ وسكونٍ.

قوله: " رِزْقاً " إنْ جَعَلْتَه مصدراً جاز انتصابُه على المصدر المؤكِّد؛ لأنَّ معنىٰ " يُجْبَىٰ إليه ": يَرْزُقهم، وأَنْ ينتصِبَ على المفعولِ له. والعاملُ محذوفٌ أي نَسُوْقه إليه رِزْقاً، وأَنْ يكونَ في موضعِ الحالِ مِنْ " ثَمَرات " لتخصيصِها بالإِضافةِ، وإنْ جَعَلْتَه اسماً للمرزوقِ انتصبَ على الحال مِنْ " ثَمَرات ".