الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ }

{ وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ } وكانوا عشرة، وكان منزلهم بالعرنات من أرض فلسطين، بغور الشام، وكانوا أهل بادية وإبل وشاة، فدعاهم يعقوب عليه السلام وقال: يابني بلغني أن بمصر ملكاً صالحاً يبيع الطعام، فتجهزوا لِتَشْتَرُوا منه الطعام، فأرسلهم فقدمُوا مصرَ، { فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ } ، على يوسف، { فَعَرَفَهُمْ } ، يوسف عليه السلام. قال ابن عباس ومجاهد: عرفهم بأول ما نظر إليهم. وقال الحسن: لم يعرفهم حتى تعرفوا إليه. { وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } ، أي: لم يعرفوه. قال ابن عباس: وكان بين أن قذفوه في البئر وبين أن دخلوا عليه أربعون سنة، فلذلك أنكروه. وقال عطاء: إنما لم يعرفوه لأنه كان على سرير الملك وعلى رأسه تاج الملك. وقيل: لأنه كان بِزَيِّ ملوك مصر، عليه ثياب من حرير وفي عنقه طوق من ذهب، فلما نظر إليهم يوسف وكلموه بالعبرانية، قال لهم: أخبروني من أنتم وما أمركم فإني أنكرت شأنكم؟ قالوا نحن قوم من أرض الشام رعاة، أصابنا الجهد فجئنا نمتار. فقال: لعلكم جئتم تنظرون عورة بلادي. قالوا: لا والله ما نحن بجواسيس، إنّما نحن إخوة بنو أب واحد، وهو شيخ صديق يقال له يعقوب نبي من أنبياء الله. فقال: وكم أنتم؟ قالوا: كنا اثني عشر، فذهب أخ لنا معنا إلى البرية، فهلك فيها، وكان أحبنا إلى أبينا. قال: فكم أنتم هاهنا؟ قالوا: عشرة. قال: وأين الآخر؟ قالوا: عند أبينا، لأنه أخو الذي هلك لأمه، فأبونا يتسلّى به. فقال: فمن يعلم أن الذي تقولون حق؟ قالوا: أيها الملك إنا ببلاد لا يعرفنا فيها أحد من أهلها. فقال يوسف: فاتوني بأخيكم الذي من أبيكم إن كنتم صادقين، وأنا أرضى بذلك. قالوا: فإن أبانا يحزن على فراقه وسنراود عنه أباه. قال: فَدَعُوا بعضكم عندي رهينة حتى تأتوني بأخيكم، فاقترعوا بينهم، فأصابت القرعة شمعون، وكان أحسنهم رأياً في يوسف، فخلّفوه عنده.