الرئيسية - التفاسير


* تفسير رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز/ عز الدين عبد الرازق الرسعني الحنبلي (ت 661هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }

قوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا } قال ابن عباس ومجاهد والزهري ومقاتل وجمهور العلماء: السبب في نزول هذه الآية: " أنه لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، طلب مفتاح البيت من عثمان بن طلحة الحجبي - وكانت له السدانة - فذهب ليعطيه إياه. فقال العباس: بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية، فَلَفَّ عثمان يده مخافة أن يعطيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هات المفتاح، فأعاد العباس قوله، فَلَفَّ عثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرني المفتاح إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، فقال: هاكه يا رسول الله بأمانة الله، فأخذ المفتاح، ففتح البيت ".

وروي: " أنه لما امتنع من تسليم المفتاح، لوى عليّ يده فأخذ المفتاح منه، وفتح الباب فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل جبريل بهذه الآية، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عثمان فدفع إليه المفتاح، وقال: " خذوها يا بني طلحة بأمانة الله لا ينزعها منكم إلا ظالم " ".

ويروى: " أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنه ما دام هذا البيت أو لبنة من لبناته قائمة، فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان ".

وروي عن ابن عباس والحسن: أنها عامة في كل أمانة.

قال ابن مسعود: الأمانة في كل شيء، في الوضوء، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحديث، والجنابة، وفي الوزن، والكيل، وأعظم من ذلك الودائع، ولا إيمان لمن لا أمانة له.

وقال ابن عمر: الفرْجُ أمانة، والبصرُ أمانة.

وقال أُبَيّ بن كعب: أمر الله الأمراء أن يؤدوا الأمانة في أموال المسلمين.

ويؤيدُ هذا القول قوله: { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ }.

{ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ } من أداء الأمانة والحكم بالعدل.

وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إِنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ الله عَلَى مَنَابرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ - وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ - الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ، وَأَهْلِيهِمْ، وَمَا وَلُوا ".