الرئيسية - التفاسير


* تفسير التسهيل لعلوم التنزيل / ابن جزي الغرناطي (ت 741 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ }

{ ٱلرِّيَٰحَ بُشْراً } قرئ الرياح بالجمع لأنها رياح المطر، وقد اضطرد في القرآن جمعها إذا كانت للرحمة، وإفرادها إذا كانت للعذاب، ومنه ورد في الحديث " اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً " وقرئ بالإفراد، والمراد الجنس قرئ " نَشْراً " بفتح النون وإسكان الشين، وهو على هذا مصدر في موضع الحال، وقرئ بضمها وهو جمع نُشُر، وقيل: جمع منشور، وقرئ بضم النون وإسكان الشين نُشْر وهو تخفيف من الضم: كرسل ورسل، وقرئ بالباء في موضع النون وهو من البشارة { بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } أي قبل المطر { أَقَلَّتْ } حملت { سَحَاباً ثِقَالاً } لأنها تحمل الماء فتثقل به { سُقْنَٰهُ } الضمير للسحاب { لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } يعني: لا نبات فيه من شدة القحط، وكذلك معناه حيث وقع { فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ } الضمير للسحاب أو البلد، على أن تكون الباء ظرفية { كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ } تمثيل لإخراج الموتى من القبور، وبإخراج الزرع من الأرض، وقد وقع ذلك في القرآن في مواضع منها: كذلك النشور، وكذلك الخروج { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ } هو الكريم من الأرض الجيد التراب { وَٱلَّذِي خَبُثَ } بخلاف ذلك كالسبخة ونحوها { بِإِذْنِ رَبِّهِ } عبارة عن السهولة والطيب، والنكد بخلاف ذلك، فيحتمل أن يكون المراد ما يقتضيه ظاهر اللفظ؛ فتكون متممة للمعنى الذي قبلها في المطر، أو تكون تمثيلاً للقلوب، فقيل: على هذا الطيب: قلب المؤمن، والخبيث: قلب الكافر. وقيل: هما للفهيم والبليد.