الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً } * { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }

قوله تعالى:

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ } - إلى قوله تعالى- { وَإِثْماً مُّبِيناً } [57- 58] 8717/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } يعني عليا و فاطمة (عليهما السلام) { بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } و هي جارية في الناس كلهم.

8718/ [2]- الطبرسي: حدثنا السيد أبو الحمد، قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني، قال: حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي دارم الحافظ، قال: حدثنا علي بن أحمد العجلي، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، قال: حدثنا أرطاة بن حبيب، قال: حدثني أبو خالد الواسطي و هو آخذ بشعره، قال:

حدثني زيد بن علي بن الحسين (عليهما السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني علي بن الحسين (عليهما السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) و هو آخذ بشعره، قال: حدثني علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هو آخذ بشعره، قال: " حدثني رسول الله (صلى الله عليه و آله) و هو آخذ بشعره، فقال: " من آذى شعرة منك فقد آذاني، و من آذاني فقد آذي الله، و من آذى الله فعليه لعنة الله " ".

8719/ [3]- الإمام أبو محمد العسكري (عليه السلام)، قال: " أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعث جيشا ذات يوم لغزاة، و أمر عليهم عليا (عليه السلام)- و ما بعث جيشا قط و فيهم علي (عليه السلام) إلا جعله أميرهم- فلما غنموا رغب علي (عليه السلام) في أن يشتري من جملة الغنائم جارية، و يجعل ثمنها في جملة الغنائم، فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة، و بريدة الأسلمي، و زايداه، فلما نظر إليهما يكايدانه و يزايدانه انتظر إلى أن بلغت قيمتها قيمة عدل في يومها فأخذها بذلك، فلما رجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) تواطئا على أن يقولا ذلك لرسول الله (صلى الله عليه و آله)، فوقف بريدة قدام رسول الله (صلى الله عليه و آله)، و قال: يا رسول الله، أ لم تر إلى علي بن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين؟ فأعرض عنه، فجاء عن يمينه، فقالها، فأعرض عنه، فجاء عن يساره، فقالها، فأعرض عنه، و جاء من خلفه، فقالها، فأعرض عنه، ثم عاد إلى بين يديه، فقالها، فغضب رسول الله (صلى الله عليه و آله) غضبا لم يغضب قبله و لا بعده غضبا مثله، و تغير لونه، و تربد و انتفخت أوداجه، و ارتعدت أعضاؤه، فقال: ما لك- يا بريدة- آذيت رسول الله منذ اليوم، أما سمعت قول الله عز و جل: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً * وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }؟

فقال بريدة: يا رسول الله ما علمت أني قد قصدتك بأذى.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): أو تظن- يا بريدة- أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي، أما علمت أن عليا مني و أنا منه، و أن من آذى عليا فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى الله، و من آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم؟ يا بريدة، أنت أعلم، أم الله عز و جل؟ أنت أعلم، أم قراء اللوح المحفوظ؟ أنت أعلم، أم ملك الأرحام؟ فقال بريدة: بل الله أعلم، و قراء اللوح المحفوظ، و ملك الأرحام أعلم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا بريدة، أنت أعلم أم حفظة علي بن أبي طالب؟ قال: بل حفظة علي بن أبي طالب.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): فكيف تخطئه، و تلومه، و توبخه، و تشنع عليه في فعله، و هذا جبرئيل (عليه السلام) أخبرني عن حفظة علي أنهم ما كتبوا عليه قط خطيئة منذ ولد؟ و هذا ملك الأرحام حدثني أنه كتب قبل أن يولد، حين استحكم في بطن امه: أنه لا يكون منه خطيئة أبدا، و هؤلاء قراء اللوح المحفوظ أخبروني ليلة أسري بي إلى السماء أنهم وجدوا في اللوح المحفوظ مكتوبا: علي معصوم من كل خطأ و زلل.

فكيف تخطئه أنت- يا بريدة- و قد صوبه رب العالمين، و الملائكة المقربون؟! يا بريدة، لا تتعرض لعلي بخلاف الحسن الجميل، فإنه أمير المؤمنين، و سيد الوصيين، و سيد الصالحين، و فارس المسلمين، و قائد الغر المحجلين، و قسيم الجنة و النار، يقول يوم القيامة للنار: هذا لي، و هذا لك. ثم قال: يا بريدة، أ ترى ليس لعلي من الحق عليكم- معاشر المسلمين- ألا تكايدوه، و لا تعاندوه، و لا تزايدوه؟ هيهات هيهات، إن قدر علي عند الله تعالى أعظم من قدره عندكم، ألا أخبركم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله.

فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): إن الله سبحانه و تعالى يبعث يوم القيامة أقواما تمتلئ من جهة السيئات موازينهم، فيقال لهم: هذه السيئات، فأين الحسنات، و إلا فقد عطبتم؟ فيقولون: يا ربنا، ما نعرف لنا حسنات!. فإذا النداء من قبل الله عز و جل: إن لم تعرفوا لأنفسكم حسنات، فإني أعرفها لكم، و أوفرها عليكم. ثم تأتي الريح برقعة صغيرة و تطرحها في كفة حسناتهم فترجح بسيئاتهم بأكثر مما بين السماء و الأرض، فيقال لأحدهم: خذ بيد أبيك، و أمك، و إخوانك، و أخواتك، و خاصتك، و قراباتك، و أخدانك و معارفك فأدخلهم الجنة. فيقول أهل المحشر: يا ربنا، أما الذنوب فقد عرفناها، فما كانت حسناتهم؟ فيقول الله عز و جل: يا عبادي، إن أحدهم مشى ببقية دين عليه لأخيه إلى أخيه، فقال له: خذها، فإني أحبك بحبك لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال له الآخر: قد تركتها لك بحبك لعلي بن أبي طالب، و لك من مالي ما شئت. فشكر الله تعالى ذلك لهما، فحط به خطاياهما، و جعل ذلك في حشو صحائفهما و موازينهما، و أوجب لهما و لوالديهما و لذريتهما الجنة.

ثم قال: يا بريدة، إن من يدخل النار ببغض علي أكثر من حصى الخذف الذي يرمى بها عند الجمرات فإياك أن تكون منهم ".


السابقالتالي
2