الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }

{ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } عام فى كل أمانة يحل تبليغها حتى السلام، أو الكلام يقول لك الانسان بلغه الى فلان، فقلت فى قلبك أو لسانك وقلبك نعم، وأما ما يحرم تناوله فلا يجوز تبليغه، ولو سمى لغة أمانة كأمانة نميمة أو خمرة أو دلالة على عورة مسلم، ومال حرام، طلب منك تبليغ ذلك الى من أراد الطالب تبليغه اليه، وهو أهله فى زعم الطالب، وليس بأهله، فلا يجوز. ومجمع الأمانة أن كل ما فرض عليك الله، أو حرمه من حقوقه أو حقوق عباده، فهو أمانة تمتثل شأنها، وإن شئت فابسطها الى ثلاث حق الله كالصلاة والصوم، وحق العباد كقضاء ديونهم وانفاق من لزمت نفقته، وحق الله والعباد، وهو ما لم يتعين صاحبه كالزكاة وأنواع الكفارات، أو الى ثلاث هكذا اعمال القلب والجوارح فى عبادة الله، وكفها عن معصية الله، وأداء حقوق العباد. وأما ما يستحب أو يكره فأمانة أذن الله لنا فى أدائها، وهو فعل المستحب، وترك المكروه، وفى تركها وهى مأمور بها أمر ندب، والذى فى الآية ما وجب أداؤه، ولك أن تعم الآية لهما على استعمال الكلمة فى معنييها أو مجازها وحقيقتها، أو على استعمال الأمر فى مطلق الطلب، وتناولت الآية العامة والخاصة كولاة الأمر، وعثمان بن طلحة، الذى نزلت الآية فى شأنه. قال صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالرجل راع فى أهل بيته وهو مسئول عنهم والعبد راع فى مال سيده وهو مسئول عنه " وعنه صلى الله عليه وسلم " أد الأمانة الى من أئتمنك ولا تخن من خانك " وعنه صلى الله عليه وسلم " لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له ". وعن أنس ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال " لا ايمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له " والآية نزلت فى عثمان بن طلحة الجحبسى من بنى عبد الدار، وليس عبد الدار أبا متصلا به، بل من أجداده، ولو قيل عثمان بن طلحة بن عبد الدار، وكان سادن الكعبة، أعنى خادمها. قال ابن عباس " لما فتح النبى صلى الله عليه وسلم مكة، طلب مفتاح البيت من عثمان بن طلحة، فذهب ليعطيه إياه، فقال العباس بأبى أنت وأمى اجمعه لى مع السقاية، فكف عثمان يده مخافة أن يعطيه العباس، فقال النبى صلى الله عليه وسلم " هات المفتاح " ، فأعاد العباس قوله، وكف عثمان فقال النبى صلى الله عليه وسلم " هات المفتاح ان كنت تؤمن بالله واليوم الآخر " فقال هاكه يا رسول الله بأمانة الله، فأخذ المفتاح ففتح الباب ونزل جبريل بهذه الآية { إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُم } الآية فأعطاه أياه ".

السابقالتالي
2 3 4