الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً }

{ وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ } أي: التي يقترحها قريش: { إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } أي: إلاَّ تَكْذِيب الأولين الذين هم أَمثالهم. كعاد وثمود. وأنها لو أرسلت لكذبوا بها تكذيب أولئك. فاستوجبوا الاستئصال. على ما مضت به السنّة الإلهية. وقد قضينا أن لا نستأصلهم؛ لأن منهم من يؤمن أو يلد من يؤمن. ثم ذكر بعض الأمم المهلكة بتكذيب الآيات المقترحة، فقال: { وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ } أي: أعطينا قوم صالح الناقة بسؤالهم { مُبْصِرَةً } أي: بينة، تبصر الغيْرَ برهانَها { فَظَلَمُواْ بِهَا } أي: فكفروا بها وظلموا أنفسهم بسبب عقرها، فأبادهم الله عن آخرهم وانتقم منهم { وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } أي: وما نرسل الآيات المقترحة إلا تخويفاً للناس، ليعلموا السنّة الإلهية مع العاتين، فيتذكروا ويتوبوا.

روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا، وأن ينحّي الجبال عنهم فيزرعوا. فقيل له: إن شئت أن تستأنى بهم، وإن شئت أن يأتيهم الذي سألوا. فإن كفروا، هلكوا كما أهلكت من كان قبلهم من الأمم. قال: " لا. بل أستأني بهم " ، وأنزل الله قوله تعالى: { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ } الآية. ورواه النسائيّ.