الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

أخرج ابن سعد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت: " خرجت سودة رضي الله عنها بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر رضي الله عنه فقال: يا سودة إنك والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه ليتعشى، وفي يده عِرْقٌ فدخلت وقالت: يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر رضي الله عنه: كذا.. كذا.. فأوحي إليه ثم رفع عنه وان العِرْقَ في يده فقال: إنه قد أذن لكن ان تخرجن لحاجتكن ".

وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال: كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن بالليل لحاجتهن، وكان ناس من المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين، فقيل ذلك للمنافقين فقالوا: إنما نفعله بالإِماء. فنزلت هذه الآية { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } فأمر بذلك حتى عرفوا من الأماء.

وأخرج ابن جرير عن أبي صالح رضي الله عنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة على غير منزل، فكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن إذا كان الليل خرجن يقضين حوائجهن، وكان رجال يجلسون على الطريق للغزل، فأنزل الله { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك... }. يعني بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة.

وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: كان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن، فإذا قيل له قال: كنت أحسبها أمة، فأمرهن الله تعالى أن يخالفن زي الأماء، ويدنين عليهن من جلابيبهن، تخمر وجهها إلا إحدى عينيها { ذلك أدنى أن يعرفن } يقول: ذلك أحرى أن يعرفن.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية { يدنين عليهن من جلابيبهن } خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان، من أكسيه سود يلبسنها.

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة رضي الله عنه قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يدع في خلافته أمة تقنع ويقول: إنما القناع للحرائر لكيلا يؤذين.

السابقالتالي
2 3