الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ }

و { أَأَنتُمْ }: يجوزُ فيه وجهان، أحدُهما: أنه فاعل/ فعلٍ مقدرٍ أي: أتخلقونه، فلَمَّا حُذِفَ الفعل لدلالةِ ما بعدَه عليه انفصل الضميرُ، وهذا من بابِ الاشتغال. والثاني: أنَّ " أنتم " مبتدأٌ، والجملةُ بعده خبرُه. والأولُ أرجحُ لأجلِ أداةِ الاستفهام.

وقوله: { أَم } يجوز فيها وجهان، أحدهما: أنها منقطعةٌ؛ لأن بعدها جملةً، وهي إنما تَعْطِفُ المفرداتِ. والثاني: أنها متصلةٌ. وأجابوا عن وقوعِ الجملةِ بعدها: بأنَّ مجيءَ الخبرِ بعد " نحن " أُتي به على سبيلِ التوكيدِ إذ لو قال: " أم نحنُ " لاكتُفِيَ به دونَ الخبرِ. ونظيرُ ذلك جوابُ مَنْ قال: [مَنْ] في الدار؟ زيدٌ في الدار، أو زيدٌ فيها، ولو اقْتُصِر على " زيد " لكان كافياً. قلت: ويؤيِّد كونَها متصلة أنَّ الكلامَ يَقْتَضي تأويلَه: أيُّ الأمرَيْن واقعٌ؟ وإذا صَلَحَ ذلك كانت متصلةً إذ الجملةُ بتأويلِ المفردِ.

ومفعولُ " الخالقون " محذوفٌ لفَهْم المعنى أي: الخالِقوه.

وقرأ العامَّةُ " تُمْنُوْن " بضمِّ التاء مِنْ أَمْنَى يُمْني. وابن عباس وأبو السَّمَّال بفتحِها مِنْ مَنَى يَمْنِي. وقال الزمخشري: يقال: " أمْنَى النُّطْفَةَ ومَناها. قال اللَّهُ تعالى:مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَىٰ } [النجم: 46] انتهى. فظاهرُ هذا أنه استشهادٌ للثلاثي، وليس فيه دليلٌ له؛ إذ يُقال من الرباعي أيضاً " تُمْنَى " كقول: " أنت تُكْرَم " وهو مِنْ أَكْرَم.