الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً }

{ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ } بعد النبيين المذكورين جاء خلفهم، فمِن بَعْدِهم فيه توكيد. { خَلْفٌ } عقب سوء. وأما خلَف بالفتح فعقب صدق. هذا مشهور كلام العرب. { أَضَاعُوا الصَّلٰوةَ } وقرأ الحسن وابن مسعود والضحاك الصلوات بالجمع. قال ابن عباس المراد اليهود، تركوا الصلاة المفروضة. وقال إبراهيم ومجاهد أخروها عن وقتها. قيل ويؤيد الأول قوله { إلا من تاب وآمن }. قلت لا دليل فيه فإن تأخيرها عن وقتها ترك لها يوجب التوبة، وتجديد الإيمان أعنى إصلاحه. وعن عبادة بن الصامت عنه صلى الله عليه وسلم " إذا أحسن الرجل الصلاة قالت حفظك الله كما حفظتنى، ورُفعت بيضاء برائحة. وإذا أساءها قالت ضيعك الله كما ضيعتنى، وتلفُّ كما يلف الثوب الخَلَق، فيضرب بها وجهه ". { وَاتّبَعُوا الشَّهوَاتِ } قال ابن عباس المراد اليهود، استحلوا إنكاح الأخت من الأب، وشربوا الخمور، وفعلوا ما تشتهيه أنفسهم، وأنهمكوا فى المعاصى. ومن على اتبعوا الشهوات من بناء المشيد، وركوب المنظور، وليس المشهور. وقيل المراد اليهود والنصارى. يتناول معنى الآية كل من فَعل فِعل هؤلاء. وعن قتادة الآية فى هذه الأمة. وقيل قوم يظهرون فى آخر الزمان يتفاخرون فى الطرق والأسواق والأزقة. { فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً } شرا. وكل شر عند العرب غى، وكل خير رشاد قال الشاعر
فمن يَلْقَ خيرا يحمدِ الناسُ أمره ومن يَغْوَ لا يَعْدَمْ على الغىّ لائما   
ويغو من باب علم أو باب ضرب. قال أبو زيد الغى الخسران ويكون بمعنى الضلال أى ضلال عن طريق الجنة. وقال الزجاج جزاء غى. وعن ابن مسعود واد فى جهنم بعيد القعر خبيث المطعم. وكذا قال ابن عمر. وعن ابن عباس واد فى جهنم تستعيذ منه جهنم أو أوديتها كل يوم - وقيل - كل وقت سبع مرات. وقيل واد فيها، بعيد القعر، خبيث الطعم، يسيل قيحا ودما. وقيل هو أبعدها قعرا وأشدها حرا. فيه بئر تسمى البهيم كلما خبت جهنم فتح الله تلك البئر فتستعِرُ بها جهنم. قيل أُعد للزانى، وشارب الخمر، وآكل الرب والعاق، وشاهد الزور. وقيل الغى العذاب وقرئ يُلقَوْن بالنباء المفعول.