الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } * { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } * { هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } * { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

يقول تعالى مخبراً عن المنافقين عليهم لعائن الله أنهم { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ } أي صدوا وأعرضوا عما قيل لهم استكباراً عن ذلك، واحتقاراً لما قيل لهم، ولهذا قال تعالى { وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } ثم جازاهم على ذلك، فقال تعالى { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } كما قال في سورة براءة، وقد تقدم الكلام على ذلك، وإيراد الأحاديث المروية هنالك. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي عمر العدني قال قال سفيان { لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ } قال ابن أبي عمر وحوَّل سفيان وجهه على يمينه، ونظر شزراً، ثم قال هو هذا. وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في عبد الله بن أبي ابن سلول كما سنورده قريباً إن شاء الله تعالى، وبه الثقة وعليه التكلان. وقد قال محمد بن إسحاق في السيرة ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، يعني مرجعه من أحد، وكان عبد الله بن أبي ابن سلول كما حدثني ابن شهاب الزهري له مقام يقومه كل جمعة، لا ينكر شرفاً له من نفسه ومن قومه، وكان فيهم شريفاً، إذا جلس النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يخطب الناس، قام فقال أيها الناس هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم، أكرمكم الله به، وأعزكم به، فانصروه وعززوه، واسمعوا له وأطيعوا، ثم يجلس، حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع، يعني مرجعه بثلث الجيش، ورجع الناس، قام يفعل ذلك كما كان يفعله، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه، وقالوا اجلس، أي عدو الله لست لذلك بأهل، وقد صنعت ما صنعت، فخرج يتخطى رقاب الناس، وهو يقول والله لكأنما قلت بجراً، أن قمت أشدد أمره، فلقيه رجال من الأنصار بباب المسجد، فقالوا ويلك مالك؟ قال قمت أشدد أمره، فوثب علي رجال من أصحابه يجذبونني ويعنفونني، لكأنما قلت بجراً، أن قمت أشدد أمره. قالوا ويلك ارجع يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والله ما أبتغي أن يستغفر لي. وقال قتادة والسدي أنزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي، وذلك أن غلاماً من قرابته انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه بحديث عنه وأمر شديد، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يحلف بالله ويتبرأ من ذلك، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام، فلاموه وعزلوه، وأنزل الله فيه ما تسمعون، وقيل لعدو الله لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يلوي رأسه، أي لست فاعلاً.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7