الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

يخبر تعالى عن جهل المكذبين، لرسوله المشركين به، الذين وعظوا فلم يتعظوا، وأقيمت عليهم الأدلة فلم ينقادوا لها، بل جاهروا بالإنكار، واستدلوا بحلم [الله] الواحد القهار عنهم، وعدم معاجلتهم بذنوبهم، أنهم على حق، وجعلوا يستعجلون الرسول بالعذاب، ويقول قائلهم:ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32]. { وَ } الحال أنه { قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ } أي: وقائع الله وأيامه في الأمم المكذبين، أفلا يتفكرون في حالهم ويتركون جهلهم { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } أي: لا يزال خيره إليهم، وإحسانه وبره وعفوه نازلاً إلى العباد، وهم لا يزال شرهم وعصيانهم إليه صاعداً. يعصونه فيدعوهم إلى بابه، ويجرمون، فلا يحرمهم خيره وإحسانه، فإن تابوا إليه فهو حبيبهم، لأنه يحب التوابين، ويحب المتطهرين وإن لم يتوبوا فهو طبيبهم، يبتليهم بالمصائب، ليطهرهم من المعايبقُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } [الزمر: 53]. { وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } على من لم يزل مصراً على الذنوب، قد أبى التوبة والاستغفار والالتجاء إلى العزيز الغفار، فليحذر العباد عقوباته بأهل الجرائم، فإن أخذه أليم شديد.