الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ }

قوله تعالى: { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ }: كقوله:لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ } [النحل: 5]. و " حين " منصوبٌ بنفس " جَمال " ، أو بمحذوفٍ على أنه صفةٌ له، أو معمولٌ لِما عَمِل في " فيها " أو في " لكم ".

وقرأ عكرمةُ والضحاكُ " حينا " بالتنوين على أنَّ الجملةَ بعدَه صفةٌ له، والعائدُ محذوفٌ، أي: حيناً تُرِيْحون فيه، وحيناً تَسْرحُون فيه، كقولِه تعالى:وَٱتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ } [البقرة: 281].

وقُدِّمَتْ الإِراحةُ على السَّرْحِ؛ لأنَّ الأنعامَ فيها أجملُ لِمَلْءِ بطونِها وتَحَفُّلِ ضُروعِها.

والجَمالُ: مصدرُ جَمُلَ بضمِّ الميم يَجْمُل فهو جميل، وهي جميلة. وحكى الكسائيُّ جَمْلاء كَحَمْراء، وأنشد:
2957- فهِيَ جَمْلاءُ كَبَدْرٍ طالعٍ   بَذَّتِ الخَلْقَ جميعاً بالجَمالْ
ويقال: أراحَ الماشيةَ وهَرَاحَها بالهاءِ بدلاً من الهمزة. وسَرَحَ الإِبلَ يَسْرَحُها سَرْحاً، أي: أرسلَها، وأصلُه أن يُرْسِلَها لترعى السَّرْحَ، والسَّرْحُ شجرٌ له ثمرٌ، الواحدة سَرْحَة. قال:
2958- أبى اللهُ إلا أنَّ سَرْحَةَ مالكٍ   على كلِّ افنانِ العِضاهِ تَرُوْقُ
وقال:
2959- بَطَلٌ كأن ثيابَه في سَرْحةٍ   يُحْذَى نِعالَ السَّبْتِ ليس بتوْءَم
ثم أُطْلِق على كل إرسالٍ، واستُعير أيضاً للطَّلاق فقالوا: سَرَّحَ فلانٌ امرأتَه، كما تسعير الطلاقُ أيضاً من إطلاق الإِبل من عُلُقِها. واعتُبِر من السَّرْحِ المُضِيُّ فقيل: ناقَةَ سُرُحٌ، أي: سريعة قال:
2960-... سُرُحُ اليَدَيْن...........   ..............................
وحَذَفَ مفعولي " تُرِيْحون " و " تَسْرَحُون " مراعاةً للفواصل مع العلم بهما.