الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير الهدايه إلى بلوغ النهايه/ مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ) مصنف و مدقق


{ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } * { يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ }

قوله: { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } ، الآية.

قال الكسائي: " الكاف ": نعت لمصدر: { يُجَادِلُونَكَ } ، والتقدير: يجادلونك في الحق مُجَادَلَةً { كَمَآ أَخْرَجَكَ }.

وقال الأخفش: " الكاف " نعت لـ: " حق " ، والتقدير: هم المؤمنون حقاً { كَمَآ أَخْرَجَكَ }.

وقيل: " الكاف " في موضع رفع، والتقدير: { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ، كأنه ابتداء وخبر.

وقال أبو عبيدة: هو قَسَمٌ، أي: لهم درجات ومغفرة ورزق كريم، والذي أخرجك من بيتك بالحق، فـ: " الكاف " بمعنى: " الواو ".

وقال الزجاج: " الكاف " في موضع نصب، والتقدير: الأنفال ثابتة لك ثباتاً { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ } ، والمعنى: { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } وهم كارهون، كذلك تَنْفُلُ من رأيت.

وقال الفراء التقدير: امض لأمرك في الغنائم، ونَفِّلْ من شئت وإن كرهوا { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ }.

وقيل: " الكاف " في موضع رفع، والتقدير:

{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } ، إلى: { لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } ، هذا وعد وحق { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ }.

وقيل المعنى: { وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } ذلك خير لكم { كَمَآ أَخْرَجَكَ } ، فـ: " الكاف ": نعت لخبر ابتداء محذوف هو الابتداء.

وقيل التقدير: { قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } { كَمَآ أَخْرَجَكَ }.

قال عكرمة في الآية: { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } ، أي: الطاعة خَيْرٌ لَكُمْ، كما كان إخراجك من بيتك بالحق خيراً لك.

وقوله: { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ }.

قال ابن عباس: " لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأبي سفيان أنه مقبل من الشام، ندب إليه من المسلمين، وقال: هذه عِيرُ قريش فيها / أموالهم، فاخرجوا إليها، لَعَلَّ الله أن يُنْفِلَكُمُوهَا! فانتدب الناس، فَخَفّ بعضهم وثَقُلَ بَعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى حرباً. فَنَزَلَتْ: { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } ".

قال السدي { لَكَارِهُونَ }: لطلب المشركين.

{ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } ، وقف.

و { مُّؤْمِنِينَ } ، وقف.

ويكون تقدير الآية وتفسيرها: " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم، لما نظر إلى قلة المسلمين يوم بدر وإلى كثرة المشركين قال: " مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، وإِنْ أَسِرَ أَسِيراً فَلَهُ كَذَا وَكَذَا " ، ليرغبهم في القتال، فلما هزمهم الله، عز وجل وأَظْفَرَه بهم، قام إليه سعد بن عبادة، فقال له: يا رسول الله، إن أعطيت هؤلاء ما وعدتهم بقي خلق من المسلمين بغير شيء، فأنزل الله: { قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } " ، أي: يصنع فيها ما يشاء. فأمسكوا لما سمعوا ذلك على كراهية منهم له، فَأَنْزَلَ الله، عز وجل،: { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } ، أي: امض لأمر الله في الغنائم، وهم كارهون لذلك، أي: بعضهم، كما مضيت لأمر الله عز وجل، في خروجك، وهم له كارهون، أي: بعضهم.

السابقالتالي
2