الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

[القراءة]

قرأ نافع وابن عامر والكسائي وحفص ويعقوب، والاعشى إلا النقار { وأرجلكم } - بالنصب - الباقون بالجر وقرأ لمستم بلا الف حمزة والكسائي وخلف الباقون لامستم بالف ها هنا وفي النساء هذا خطاب للمؤمنين أمرهم الله إذا أرادوا القيام إلى الصلاة، وهم على غير طهر، أن يغسلوا وجوههم، ويفعلوا ما أمرهم الله به فيها. وحذف الارادة، لان في الكلام دلالة عليه، ومثله { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله } ومعناه وإذا اردت قراءة القرآن فاستعذ، وإذا قمت فيهم فاقمت لهم الصلاة ومعناه فاردت أن تقيم لهم الصلاة. ثم اختلفوا هل يجب ذلك كلما أراد القيام إلى الصلاة او بعضها او في اي حال هي؟ فقال قوم: المراد به إذا اراد القيام اليها، وهو على غير طهر. وهو الذي اختاره الطبري والبلخي والجبائي والزجاج وغيرهم. وهو المروي عن ابن عباس، وسعد بن ابي وقاص، وابي موسى الاشعري وأبي العالية، وسعيد بن المسيب وجابر بن عبد الله، وابراهيم والحسن والضحاك، والاسود والسدي، وغيرهم. وقال آخرون: معناه إذا قمتم من نومَكم إلي الصلاة ذهب اليه زيد ابن اسلم والسدي وقال آخرون: المراد به كل حال قيام الانسان إلى الصلاة، فعليه ان يجدد طهر الصلاة. ذهب اليه عكرمة. وقال: كان علي يتوضأ عند كل صلاة، ويقرأ هذه الآية. وقال ابن سيرين إن الخلفاء كانوا يتوضؤن لكل صلاة، والاول هو الصحيح عندنا. وما روي عن علي (عليه السلام) في تجديد الوضوء عند كل صلاة محمول على الندب. وقال قوم: كان الفرض أن يتوضأ لكل صلاة، ثم نسخ ذلك بالتخفيف، وهو المروي عن ابن عمر انه حدثته أسماء بنت زيد بن الخطاب أن عبد الله بن حنظلة بن ابي عامر الغسيل حدثها أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بالوضوء عند كل صلاة، فشق ذلك عليه فأمر بالسواك ورفع عنه الوضوء إلا من حدث، فكان عبد الله يرى أن فرضه عليه، فكان يتوضأ وروى سليمان بن بريدة عن ابيه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوضأ لكل صلاة، فلما كان عام الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد. فقال عمر: يا رسول الله صنعت شيئاً ما كنت تصنعه! قال: عمداً فعلته ياعمر. وقال الحسين بن علي المغربي: معنى إذا قمتم إذا عزمتم عليها وهممتم بها. قال الراجز للرشيد:
ما قاسم دون الفتى ابن امه   وقد رضيناه فقم فسمه
فقال: يا أعرابي، ما رضيت ان تدعونا إلى عقد الامر له قعوداً حتى أمرتنا بالقيام، فقال: قيام عزم لا قيام جسم. وقال حريم الهمداني:
فحدثت نفسي أنها أو خيالها   اتانا عشاء حين قمنا لنهجعاً

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9