الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِّنْهُ مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

بيان تتضمن الآية الأولى حكم الطهارات الثلاث الوضوء وغسل الجنابة والتيمم والآية التالية كالمتممة أو المؤكدة لحكم الآية الأولى، وفي بيان حكم الطهارات الثلاث آية أُخرى تقدمت في سورة النساء، وهي قوله تعالىيا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفواً غفوراً } النساء 45. وهذه الآية أعني آية المائدة أوضح وأبين من آية النساء، وأشمل لجهات الحكم ولذلك أخّرنا بيان آية النساء إلى ها هنا لسهولة التفهم عند المقايسة. قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة } القيام إذا عدي بإلى ربما كني به عن إرادة الشيء المذكور للملازمة والقران بينهما، فإن إرادة الشيء لا تنفك عن الحركة إليه، وإذا فرض الإنسان مثلاً قاعداً لأنه حال سكونه ولازم سباته عادة، وفرض الشيء المراد فعلاً متعارفاً يتحرك إليه عادة كان مما يحتاج في اتيانه إلى القيام غالباً، فأخذ الإنسان في ترك السكون والانتصاب لإدراك العمل هو القيام إلى الفعل، وهو يلازم الإرادة. ونظيره قوله تعالىوإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } النساء 102 أي أردت أن تقيم لهم الصلاة. وعكسه من وجه قوله تعالىوإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً } النساء 20 أي إذا طلقتم زوجاً وتزوجتم بأخرى، فوضعت إرادة الفعل وطلبه مقام القيام به. وبالجملة الآية تدل على اشتراط الصلاة بما تذكره من الغسل والمسح أعني الوضوء، ولو تم لها إطلاق لدل على اشتراط كل صلاة بوضوء مع الغض عن قوله { وإن كنتم جنباً فاطهروا } لكن الآيات المشرعة قلما يتم لها الإطلاق من جميع الجهات. على أنه يمكن أن يكون قوله الآتي { ولكن يريد ليطهركم } مفسراً لهذا الاشتراط على ما سيجيء من الكلام. هذا هو المقدار الذي يمكن أن يبحث عنه في تفسير الآية، والزائد عليه مما أطنب فيه المفسرون بحث فقهي خارج عن صناعة التفسير. قوله تعالى { فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق } الغسل بفتح الغين إمرار الماء على الشيء، ويكون غالباً لغرض التنظيف وإزالة الوسخ والدرن والوجه ما يستقبلك من الشيء، وغلب في الجانب المقبل من رأس الإنسان مثلاً، وهو الجانب الذي فيه العين والأنف والفم، ويعين بالظهور عند المشافهة، وقد فسر في الروايات المنقولة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام بما بين قصاص الشعر من الناصية وآخر الذقن طولاً، وما دارت عليه الإِبهام والوسطى والسبابة، وهناك تحديدات أُخر ذكرها المفسرون والفقهاء.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد