الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } * { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ }

{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ } أي: معشر قريش، والمكذبين بالبعث، فأوجدناكم بشراً، ولم تكونوا شيئاً { فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } أي: بالخلق. وهم، وإن كانوا مقرين به لقوله:وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } [لقمان: 25] إلا أنه نزل منزلة العدم والإنكار، لأنه إذا لم يقترن بالطاعة، والأعمال الصالحة، لا يعد تصديقاً. أو المعنى: فلولا تصدقون بالبعث، فإن من قدر على الإبداء، قدر على الإعادة { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } أي: ما تقذفونه في الرحم من النطف. { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ } أي: بجعله بشراً سوياً { أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } أي: بإفاضة الصورة الإنسانية عليه. { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ } أي: كتبنا على كل نفس ذوقَه. أي: ومن كان سبيله ذلك، فشأنه أن يرهب من نزوله، ويتأهب لما يخوّف به من بعده. والجملة مقررة لما قبلها بإيذان أنهم في قبضة القدرة، فلا يغترون بالإمهال، بدليل ما قدره عليهم من الموت. وفي قوله تعالى: { بَيْنَكُمُ } زيادة تنبيه، كأنه بين ظهرانيهم، ثم أكد ما قرره بقوله تعالى: { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } أي: بمغلوبين { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ } أي: بعد مهلككم، فنجيء بآخرين من جنسكم { وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } من صور وأشكال أخرى، فكيف نعجز عن إعادتكم؟

قال الشهاب: والظاهر أن قوله: { وَنُنشِئَكُمْ } المراد به إذا بدلناكم بغيركم، لا في الدار الآخرة، كما توهم. وهذا كقوله تعالى:إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ } [النساء: 133] { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ } أي: أنه أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً، فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة. { فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } أي: فتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة، وهو البداءة، قادر على النشأة الأخرى، وهي الإعادة، وأنها أهون عليه.