الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَّفَاتِحهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُواْ جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَٰرَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: لما نزلتيا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } [النساء: 29] قالت الأنصار: ما بالمدينة مال أعز من الطعام. كانوا يتحرجون أن يأكلوا مع الأعمى يقولون: أنه لا يبصر موضع الطعام، وكانوا يتحرجون الأكل مع الأعرج يقولون: الصحيح يسبقه إلى المكان، ولا يستطيع أن يزاحم، ويتحرجون الأكل مع المريض يقولون: لا يستطيع أن يأكل مثل الصحيح، وكانوا يتحرجون أن يأكلوا في بيوت أقربائهم، فنزلت { ليس على الأعمى حرج } يعني في الأكل مع الأعمى.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقسم قال: كانوا يكرهون أن يأكلوا مع الأعمى، والأعرج، والمريض، لأنهم لا ينالون كما ينال الصحيح فنزلت { ليس على الأعمى حرج... } الآية.

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وإبراهيم وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد قال: كان الرجل يذهب بالأعمى أو الأعرج والمريض إلى بيت أبيه، أو بيت أخيه، أو بيت أخته، أو بيت عمه، أو بيت عمته، أو بيت خاله، أو بيت خالته، فكان الزمنى يتحرجون من ذلك يقولون: إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم، فنزلت هذه الآية رخصة لهم.

وأخرج البزار وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن النجار عن عائشة قالت: كان المسلمون يرغبون في النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيدفعون مفاتيحهم إلى أمنائهم ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما احتجتم إليه، فكانوا يقولون: إنه لا يحل لنا أن نأكل إنهم أذنوا لنا من غير طيب أنفسهم، وإنما نحن أمناء، فأنزل الله { ولا على أنفسكم أن تأكلوا } إلى قوله { أو ما ملكتم مفاتحه }.

وأخرج عبد بن حميد عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله بن عبد الله وابن المسيب أنه كان رجال من أهل العلم يحدثون إنما أنزلت هذه الآية في أمناء المسلمين، كانوا يرغبون في النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله، فيعطون مفاتيحهم أمناءهم ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا فيقول الذين استودعوهم المفاتيح: والله ما يحل لنا مما في بيوتهم شيء، وإن أحلوه لنا حتى يرجعوا إلينا، وانها لأمانة ائتمنا عليها، فلم يزالوا على ذلك حتى أنزل الله هذه الآية، فطابت أنفسهم.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال: لما نزلتيا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } [النساء: 29] قال المسلمون: إن الله قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطعام هو من أفضل الأموال، فلا يحل لأحد منا أن يأكل من عند أحد.

السابقالتالي
2 3 4 5