الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ }

قوله عزّ وجلّ: { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ } ، يعني: نأتي بخلق مثلكم بدلاً منكم، { وَنُنشِئَكُمْ } ، نخلقكم { فِيمَا لاَ تَعْلَمُون } ، من الصور، قال مجاهد: في أي خلق شئنا. وقال الحسن: أي نبدل صفاتكم فنجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بمن كان قبلكم، يعني: إن أردنا أن نفعل ذلك ما فاتنا ذلك. وقال سعيد بن المسيب: " فيما لا تعلمون " يعني: في حواصل طير سود تكون ببرهوت كأنها الخطاطيف وبرهوت وادٍ باليمن. { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ } ، الخلقة الأولى ولم تكونوا شيئاً. { فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } ، أني قادر على إعادتكم كما قدرت على إبدائكم. { أَفَرَءَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } ، يعني: تثيرون من الأرض وتلقون فيها من البذر. { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ } ، تنبتونه، { أَمْ نَحْنُ الزَّٰرِعُونَ } ، المنبتون. { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَٰهُ حُطَـٰماً } ، قال عطاء: تبناً لا قمح فيه، وقيل: هشيماً لا ينتفع به في مطعم وغذاء { فَظَلْتم } ، وأصلُه: فظللتم، حذفت إحدى اللامين تخفيفاً. { تَفَكَّهون } ، تتعجبون بما نزل بكم في زرعكم، وهو قول عطاء والكلبي ومقاتل: وقيل: تندمون على نفقاتكم، وهو قول يمان، نظيره:فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنفَقَ فِيهَا } [الكهف: 42]، وقال الحسن: تندمون على ما سلف منكم من المعصية التي أوجبت تلك العقوبة. وقال عكرمة: تتلاومون. قال ابن كيسان: تحزنون. قال الكسائي: هو تلهف على ما فات وهو من الأضداد، تقول العرب: " تفكهت " أي: تنعمت و " تفكهت " أي حزنت. { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } ، قرأ أبو بكر عن عاصم " أئنا " بهمزتين وقرأ الآخرون على الخبر، ومجاز الآية: فظلتم تفكهون وتقولون إنا لمغرومون. وقال مجاهد وعكرمة لمولَع بنا. وقال ابن عباس وقتادة: معذبون، والغرام العذاب. وقال الضحاك وابن كيسان: غرمنا أموالنا وصار ما أنفقنا غرماً علينا، والمغرم الذي ذهب ماله بغير عوض.