الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير صدر المتألهين/ صدر المتألهين الشيرازي (ت 1059 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

{ هَادُواْ } بضم الدال. وقرئ بالفتح.

والقراءة المعروفة في { ٱلصَّابِئِينَ } وكذا { ٱلصَّابِئُونَ } بإثبات الهمزة في كلّ القرآن. وعن نافع والزهري بترك الهمزة. وعن أبي جعفر بيائين خالصتين فيهما. وترك الهمزة يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون من " صَبا، يَصبُوا " أي: مالَ إلى الشيء.

والآخر: قلب الهمزة ياء.

واختيار الهمزة أولى، لأنّه قراءة الأكثر، ولأنّه أقرب إلى معنى التفسير، لأنّ أهل العلم قالوا: الصابي هو الخارج من دين إلى دين لم يشرّع له، فمن قرأ بغير الهمزة يحمل على قلب الهمزة.

واختُلف في اشتقاق اسم " اليهود ". فقيل: هو من " الهود " أي: التوبة لتوبتهم من عبادة العِجل. وقيل: إنّما سمّوا بذلك لانتسابهم إلى " يَهودا " أكبر أولاد يعقوب. وقيل لأنّهم هادُوا - أي: مالوا - عن دين الإسلام. وقيل: لأنّهم يتهوّدون - أي يتحرّكون - عند قراءة التوراة، ويقولون: " إنّ السماوات والأرضَ تحرّكت حين آتى الله موسى (عليه السلام) التوراة ". واليهود اسم جمع واحدهم " يهودي " ، كالزنج والزنجي.

و { ٱلنَّصَارَىٰ } جمع نَصران، كسَكران وسُكارى. ومؤنثه: " نَصرانة " والياء في نصراني للمبالغة. واختلفوا في اشتقاقه. فعن ابن عباس: هو من " ناصرة " قرية كان يسكنها عيسى (عليه السلام). وقيل: إنّما سمّوا بذلك لقوله (عليه السلام):مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ } [آل عمران:52].

و { ٱلصَّابِئُونَ } جمع الصابي. وهو مَن انتقل مِن دين إلى دين آخر. قال أبو علي قال أبو زيد: صبأ الرجل في دينه يَصبو صبوءاً إذا كان صابئاً. وصَبأ نابُ الصبي، يصبأ صبأ: إذا طلَع. وصبأت عليهم إذا طلعت عليهم، وطرأت مثله. فمعنى الصابي التارك دينه الذي شرّع له إلى دين غيره، كما أنّ الصابئ على القوم تارك لأرضه، ومنتقِل إلى سواها، لأنّهم تركوا دين التوحيد إلى عبادة روحانيّات النجوم، وملائكة السماوات، أو تعظيمها وجعلها وسائل وشفعاء لهم إلى الله.

وقال قتادة: وهم قوم معروفون، ولهم مذهب يتفرّدون به، ومن دينهم عبادة النجوم، وهم يقرّون بالصانع وبالمعاد، وببعض الأنبياء.

وقال مجاهد والحسن: الصابئون بين اليهود والمجوس لا دين لهم.

وقال السدّي: هم طائفة من أهل الكتاب يقرؤون الزّبور.

وقال الخليل: هم قوم دينهم شبيه بدين النصارى، إلاّ أنّ قبلتهم نحو مهبّ الجنوب حَيال منتصف النهار، يزعمون أنّهم على دين نوح (عليه السلام).

وعامّة الفقهاء يجيزون أخذ الجِزية منهم، وعند أصحابنا الإماميّة لا يجوز ذلك لأنّهم لا كتاب لهم.

المعنى:

واعلم أنّ من عادة الله الرحيم بعباده، إذا ذكَر وعيداً عقَّبه بضده، لئلاّ ييئس عباده من رحمته، وإذا ذكَر آية رجاء عقَّبها بآية الخَوف، لئلاّ يأمن عباده من مكر الله.

السابقالتالي
2 3