{ وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ } فيه وجهان: أحدهما: أي أقرب منهما جنتان. الثاني: أي دون صفتهما جنتان. وفيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أن الجنات الأربع لمن خاف مقام ربه، قال ابن عباس: فيكون في الأوليين النخل والشجر، وفي الأخريين الزرع والنبات وما انبسط. الثاني: أن الأوليين من ذهب للمقربين، والأخريين من وَرِقٍ لأصحاب اليمين، قاله ابن زيد. الثالث: أن الأوليين للسابقين، والأخريين للتابعين، قاله الحسن. قال مقاتل: الجنتان الأوليان جنة عدن وجنة النعيم والأخريان جنة الفردوس وجنة المأوى، وفي الجنات الأربع جنان كثيرة. ويحتمل رابعاً: أن يكون من دونهما جنتان لأتباعه، لقصور منزلتهم عن منزلته، إحدهما للحور العين، والأخرى للولدان المخلدين، لتميز بهما الذكور عن الإناث. { مُدْهَآمَّتَانِ } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أي خضراوان، قاله ابن عباس. الثاني: مسودتان، قاله مجاهد، مأخوذ من الدهمة وهي السواد، ومنه سمي سود الخيل دهماً. الثالث: [خضروان من الرّي] ناعمتان، قاله قتادة. { فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } فيه ثلاثة تأويلات: أحدهما: ممتلئتان لا تنقطعان، قاله الضحاك. الثاني: جاريتان، قاله الفراء. الثالث: فوّارتان، وذكر في الجنتين الأوليين عينين تجريان، وذكر في الأخريين عينين نضاختين، والجري أكثر من النضخ. وبماذا هما نضاختان؟ فيه أربعة أوجه: أحدها: بالماء، قاله ابن عباس. الثاني: بالمسك والعنبر، قاله أنس. الثالث: بالخير والبركة، قاله الحسن، والكلبي. الرابع: بأنواع الفاكهة، قاله سعيد بن جبير. { فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } يعني الجنات الأربع، وفي الخيرات قراءتان إحداهما بالتخفيف، وفي المراد بها قولان: أحدهما: الخير والنعم المستحسنة. الثاني: خيرات الفواكه والثمار، وحسان في المناظر والألوان. والقرءة الثانية بالتشديد، وفي المراد بها قولان: أحدهما: مختارات. الثاني: ذوات الخير وفيهن قولان: أحدهما: أنهن الحور المنشآت في الآخرة. الثاني: أنهن النساء المؤمنات الفاضلات من أهل الدنيا. وفي تسميتهن خيرات أربعة أوجه: أحدها: لأنهن خيرات الأخلاق حسان الوجوه، قاله قتادة وروته أم سلمة مرفوعاً: الثاني: لأنهن عذارى أبكاراً، قاله أبو صالح. الثالث: لأنهن مختارات. الرابع: لأنهن خيرات صالحات، قاله أبو عبيدة. { حُوْرٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ } فيه أربعة تأويلات: أحدها: مقصورات الطرف على أزواجهن فلا يبغين بهم بدلاً، ولا يرفعن طرفاً إلى غيرهم من الرجال، قاله مجاهد. الثاني: المحبوسات في الحجال لَسْنَ بالطوافات في الطرق، قاله ابن عباس. الثالث: المخدرات المصونات، ولا متعطلات ولا متشوِّفات، قاله زيد بن الحارث، وأبو عبيدة. الرابع: أنهن المسكنات في القصور، قاله الحسن. ويحتمل خامساً: أن يريد بالمقصورات البيض، مأخوذ من قصارة الثوب الأبيض، لأن وقوع الفرق بين المقصورات والقاصرات يقتضي وقوع الفرق بينهما في التأويل: وفي الخيام ثلاثة أقاويل: أحدها: أن الخيام هي البيوت، قاله ابن بحر. الثاني: أنها خيام تضرب لأهل الجنة خارج الجنة كهيئة البداوة، قاله سعيد بن جبير.