الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }

أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي من طريق الزهري. " أن عروة بن الزبير حدث عن الزبير بن العوّام: أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج من الحرة كانا يسقيان به كلاهما النخل. فقال الأنصاري: سرح الماء يمر. فأبى عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك. فغضب الأنصاري وقال: يا رسول الله، إن كان ابن عمتك؟! فتلوّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، ثم أرسل الماء إلى جارك " واسترعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه السعة له وللأنصاري، فلما أحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصاري استرعى للزبير حقه في صريح الحكم فقال الزبير: ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكِّموك فيما شجر بينهم... } الآية.

وأخرج الحميدي في مسنده وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني في الكبير عن أم سلمة قالت " خاصم الزبير رجلاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى للزبير، فقال الرجل: إنما قضى له لأنه ابن عمته " فأنزل الله { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك... } الآية.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله { فلا وربك لا يؤمنون... } الآية. قال " أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة اختصما في ماء، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل ".

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله { فلا وربك لا يؤمنون } قال: نزلت في اليهود.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { فلا وربك... } الآية. قال: هذا في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف.

وأخرج ابن جرير عن الشعبي. مثله إلا أنه قال: إلى الكاهن.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود قال: " اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى بينهما فقال الذي قضي عليه: ردنا إلى عمر بن الخطاب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، انطلقا إلى عمر. فلما أتيا عمر قال الرجل: يا ابن الخطاب قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا، فقال: ردنا إلى عمر، فردنا إليك. فقال: أكذلك؟! قال: نعم. فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما، فخرج إليهما مشتملاً على سيفه، فضرب الذي قال: ردنا إلى عمر فقتله، وأدبر الآخر فاراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قتل عمر - والله - صاحبي، ولولا أني أعجزته لقتلني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمنين؟! فأنزل الله { فلا وربك لا يؤمنون... } الآية. فهدر دم ذلك الرجل، وبرأ عمر من قتله، فكره الله أن يسن ذلك بعد فقال { ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم } [النساء: 66] إلى قوله { وأشد تثبيتاً } ".


السابقالتالي
2