قوله تعالى: { وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ }: متعلقٌ بمحذوفٍ، أي: ونَجَّيْناهم مِنْ/ خزي. وقال الزمخشري: " فإن قلت: علام عُطِف؟ قلت: على " نَجَّيْنا " لأنَّ تقديرَه: ونجَّيْناهم من خزيِ يومئذ كما قال:{ وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [هود: 58]، أي: وكانت التنجيةُ مِنْ خزي: وقال غيره: " إنه متعلقٌ بـ " نَجَّيْنا " الأول ". وهذا لا يجوزُ عند البصريين غيرَ الأخفش، لأن زيادةَ الواوِ غيرُ ثابتة. وقرأ نافع والكسائي بفتح ميم " يومئذ " على أنها حركةُ بناء لإِضافته إلى غير متمكن كقوله:
2673 ـ على حينَ عاتَبْتُ المشيبَ على الصِّبا
فقلت ألمَّا أَصْحُ والشيبُ وازع
وقرأ الباقون بخفض الميم. وكذلك الخلافُ جارٍ في{ سَأَلَ سَآئِلٌ } [المعارج: 1]. وقرأ طلحة وأبان بن تغلب بتنوين " خزي " و " يومئذ " نصب على الظرف بالخزي. وقرأ الكوفيون ونافع في النمل{ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ } بالفتح أيضاً، والكوفيون وحدهم بتنوين " فزع " ونصب " يومئذ " به. ويحتمل في قراءة مَنْ نوَّن ما قبل " يومئذ " أن تكون الفتحةُ فتحةَ إعرابٍ أو فتحةَ بناء، و " إذ " مضافةٌ لجملة محذوفة عُوِّض منها التنوينُ تقديرُه: إذْ جاء أمرُنا. وقال الزمخشري: " ويجوز أن يُراد يومُ القيامة، كما فُسِّر العذاب الغليظ بعذاب الآخرة ". قال الشيخ: " وهذا ليس بجيدٍ؛ لأنه لم يتقدَّم ذِكْرُ يومِ القيامة، ولا ما يكون فيها، فيكون هذا التنوين عوضاً من الجملةِ التي تكون في يوم القيامة ". قلت: قد تكون الدلالةُ لفظيةً، وقد تكون معنويةً وهذه من المعنوية.