الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً }

{ وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ } أي: خوف الغرق { ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ } أي: ذهب عن أوهامكم وَخَوَاطِرِكُمْ كل من تدعونه وتعبدونه، إلاَّ إياه وحده. فإنكم لا تذكرون سواه. فطرةً فطر الله الخلق عليها.

وهذه الآية مما يستدل بها على الرجوع إلى الفطرة الصحيحة. وقد استدل لكثير من الأصول بها، كما يعلم ذلك من كلام الأئمة في مسائل شتى. كمسألة وجود الخالق وعلوّه، والمعاد وغيرها. وقوله تعالى: { فَلَمَّا نَجَّاكُمْ } أي: من الغرق: { إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ } أي: عن التوحيد. { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً } أي: بأنعم الله. والجملة كالتعليل للإعراض. قال الشهاب: وفيه لطف، حيث أعرض عن خطابهم بخصوصهم. وذكر أن جنس الإنسان مجبول على هذا. فلما أعرضوا أعرض الله عنهم. ثم خوفهم تعالى بقدرته العظيمة، بقوله سبحانه:

{ أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ... }.