الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

{ وما قدروا الله حق قدره } القدر بمعنى التعظيم كما فى القاموس فالمعنى ما عظموا الله حق تعظيمه حيث جعلوا له شريكا بما لا يليق بشأنه العظيم ويقال قدر الشىء قدره من التقدير كما فى المختار. فالمعنى ما قدروا عظمته تعالى فى انفسهم حق عظمته. وقال الراغب فى المفردات ما عرفوا كنهه. يقول الفقير هذا ليس فى محلة فان الله تعالى وان كان لا يعرف حق المعرفة بحسب كنهه ولكن تتعلق به تلك المعرفة بحسبنا فالمعنى ههنا ما عرفوا الله حق معرفته بحسبهم لا بحسب الله اذ لو عرفوه بحسبهم ما اضافوا اليه الشريك ونحوه فافهم. وفى التأويلات النجمية ما عرفوا الله حق معرفته وما وصفوه حق وصفه وما عظموه حق تعظيمه فمن اتصف بتمثيل او جنح الى تعطيل حاد عن ألسنة المثلى وانحرف عن الطريقة الحسنى وصفوا الحق بالاعضاء وتوهموا فى نعته الاجزاء فما قدروا الله حق قدره انتهى { والارض جميعا } حال لفظا وتأكيد معنى ولذا قال اهل التفسير تأكيد الارض بالجميع لان المراد بها الارضون السبع او جميع ابعاضها البادية والغائرة اى الظاهرة وغير الظاهرة من باطنها وظاهرها ووسطها قوله والارض مبتدأ خبره قوله { قبضته يوم القيمة } القبضة المرة من القبض اطلقت بمعنى القبضة وهى المقدار المقبوض بالكف تسمية بالمصدر او بتقدير ذات قبضته. وفى المفردات القبض التناول بجمع الكف نحو قبض السيف وغيره ويستعار القبض لتحصيل الشىء وان لم يكن فيه مراعاة الكف كقولك قبضت الدار من فلان اى حزتها قال الله تعالى { والارض جميعا قبضته } اى فى حوزه حيث لا تمليك للعبد انتهى تقول للرجل هذا فى يدك وفى قبضتك اى فى ملكك وان لم يقبض عليه بيده. والمعنى والارض جميعا مقبوضة يوم القيامة اى فى ملكه وتصرفه من غير منازع يتصرف فيها تصرف الملاك فى ملكهم وانها اى جميع الارضين وان عظمن فما هن بالنسبة الى قدرته تعالى الا قبضة واحدة. ففيه تنبيه على غاية عظمته وكمال قدرته وحقارة الافعال العظام بالنسبة الى قدرته ودلالة على ان تخريب العالم اهون شىء عليه على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة حقيقة ولا مجازا على ما فى الارشاد ونحوه وعلى هذه الطريقة قوله تعالى { والسموات } مبتدأ { مطويات } خبره { بيمينه } متعلق بمطويات اى مجموعات ومدرجات من طويت الشىء طيا اى ادرجته ادراجا او مهلكات من الطى بمعنى مضى العمر يقال طوى الله عمره. وقوله بيمينه اى بقوته واقتداره فانه يعبر بها عن المبالغة فى الاقتدار لانها اقوى من الشمال فى عادة الناس كما فى الاسئلة المقحمة. قال ابن عباس رضى الله عنهما ما السموات السبع والارضون السبع فى يد الله الا كخردلة فى يد احدكم.

السابقالتالي
2 3