الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ } بين الله سبحانه ان ما اوصى يعقوب لبنيه قهر نظر نورى ابصر به كينونة القدر فاستقبله به لا بنفسه وكان عالما بما راى مامورا باستعمال الشريعة والغفل واسترسال نفسه الى الحق بنعت الافتقار والعجز فى قدرته وتقديره وصفه بانه ذو علم وان علمه غير مكتسب بقوله { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ } كان علمه لدينا بلا واسطة علمه بنفسه كما وصف الخضر عليه السلام بقولهوَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } والعلم اللدني على نوعين الاول ظاهر الغيب والثانى باطن الغيب فظاهر الغيب علم دقائق المعاملات والمقامات والحالات والكرامات والفراسات وهٰهنا للعقل والقلب محال وباطن الغيب على أربعة اقسام الأول علوم باطن الافعال وذلك حكمة المعرفة والثانى علم الصفات وذلك المعرفة الخاصة والثالث علم الذات وذلك التوحيد والتجريد والتفريد والرابع علم اسرار القدم وذلك علم الفناء والبقاء وهناك تبرز انوار الاقدار للاسرار فعند علم بطون الافعال وكشف الصفات للروح مجال وعند علم الذات للسر مجال وعند علم اسرار القدم لسر السر مجال اما تولد علم دقائق المعاملات فالصفاء والرقة واما تولد علم المقامات فصحة الارادة ولذة المحبة واما تولد علم الحالات فالشوق والعشق واما تولد علم الكرامات والفراسات فطمأنينة النفس الأمارة بالذكر وسكون القلب بنور اليقين. وأما تولد علم بطون الأفعال فالحيرة في القدرة ومباشرة لطائف الألفة. وأما تولد علم الصفات فالإنس والجن بالجمال والوله في الجلال. وأما تولد علم الذات فالمحو في الأزل والصحو في الأبد. وأما تولد علم اسرار القدم فالوقوف على العلم المجهول والحكمة المجهولة ويقتضيان ذلك حالتين حالة السكر وحالة الصحو فالسكر يقتضى لذلك العالم افشاء السر بلسان العلم المجهول وذلك غلبة نطق الازلية والصحو يقتضى الخرس والكتمان عن افشاء السر وجميع ما ذكرنا يتعلق بشيئين بالمكاشفة والمشاهدة فاذا بدا للعالم العارف لوائح اوائل الكشوف ولوامع الشهود فى المشهود يقف سره على موارد الصفات وسر سره على موارد الذات فيعرف السر من كل صفة طريقا خاصا من الحق الى الحق ويذوق طعما منها غير طعم صفة اخرى فى رؤيتها ويعرف سر السر من رؤية الذات طرقا من الذات الى الذات وذوقا خاصا خارجا عن ذوق الصفات فبقى العالم العارف مع معلومه ومعروفه بخلق الربوبية حتى صار ربانيا صمدانيا جلاليا جماليا ابديا قال الله سبحانهكُونُواْ رَبَّانِيِّينَ } قال بعضهم العلوم خمسة علم يصلح لكسب الدنيا وعلم يصلح لخدمة السلاطين وعلم يصلح لكسبه الرياء والزينة وعلم يصلح للعبادة والمجاهدة وعلم يصح لكسب الحرية والانقطاع وهو اجل العلوم وقال يوسف بن الحسين اجل العلوم ما اخذها العبد من الحق بغير واسطة لقوله تعالى { وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ } وقولهوَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } لكن فيها اغترارات واخطار.