{ وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ } ، وهو جبريل ومعه ملكان وهما ملك الموت وميكائيل، { إِبْرَاهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ } في الدنيا الولد بإسحاق ويعقوب، { قَالُواْ سَلاَماً } ، قالوا: تحية لإبراهيم، فسلموا على إبراهيم فرد إبراهيم عليهم، فـ { قَالَ سَلاَمٌ } ، يقول: رد إبراهيم خيراً، وهو يرى أنهم من البشر، { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ } إبراهيم { بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } [آية: 69]، يعني الحنيذ النضيج؛ لأنه كان البقر أكثر أموالهم، والحنيذ الشواء الذي أنضج بحر النار من غير أن تمسه النار بالحجارة تحمى وتجعل في سرب فتشوى. { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ } ، أي إلى العجل، { نَكِرَهُمْ } ، يعني أنكرهم وخاف شرهم، { وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } ، يقول: فوقع عليه الخوف منهم فرعد، { قَالُواْ } ، أي قالت الملائكة: { لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَىٰ قَوْمِ لُوطٍ } [آية: 70] بهلاكهم، ولوط بن حازان، وامرأة سارة بنت حازان أخت لوط، وإبراهيم عم لوط وختنه على أخته. { وَٱمْرَأَتُهُ } ، وهي سارة، { قَآئِمَةٌ } وإبراهيم جالس، { فَضَحِكَتْ } من خوف إبراهيم ورعدته من ثلاثة نفر، وإبراهيم في حشمه وخدمه، فقال جبريل، عليه السلام، لسارة: إنك ستلدين غلاماً، فذلك قوله: { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } [آية: 71]. { قَالَتْ } سارة: { يٰوَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخاً } ، وهو ابن سبعين سنة، { إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } [آية: 72]، يعني لأمر عجيب أن يكون الولد من الشيخين الكبيرين. { قَالُوۤاْ } ، قال جبريل لهما: { أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } أن يخلق ولداً من الشيخين، { رَحْمَةُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ } ، يعني نعمة الله وبركاته، { عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } ، يعني بالبركة ما جعل الله منهم من الذرية، { إِنَّهُ حَمِيدٌ } في خلقه، { مَّجِيدٌ } [آية: 73]، يعني كريم. { فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ } ، يعني الخوف، { وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ } في الولد { يُجَادِلُنَا } ، يعني يخاصمنا إبراهيم { فِي قَوْمِ لُوطٍ } [آية: 74]، كقوله في الرعد:{ يُجَادِلُونَ فِي ٱللَّهِ } [الرعد: 13] ومثل قوله:{ قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } [هود: 32]. وخصومة إبراهيم، عليه السلام، أنه قال: يا رب، أتهلكهم إن كان في قوم لوط خمسون رجلاً مؤمنين؟ قال جبريل، عليه السلام: لا، فما زال إبراهيم، عليه السلام، ينقض خمسة خمسة، حتى انتهى إلى خمسة أبيات، قال تعالى: { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ } ، يعني لعليم، { أَوَّاهٌ } ، يعني موقن، { مُّنِيبٌ } [آية: 75] مخلص. وقال جبريل لإبراهيم: { يإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ } الجدال حين قال: أتهلكهم إن كان فيهم كذا وكذا، ثم قال جبريل، عليه السلام: { إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبَّكَ } ، يعني قول ربك في نزول العذاب بهم، { وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } [آية: 76]، يعني غير مدفوع عنهم، يعني الخسف والحصب بالحجارة. قوله: { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا } جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، { لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ } ، يعني كرههم لصنيع قومه بالرجال مخافة أن يفضحوهم، { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ } جبريل { هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } [آية: 77]، يعني فظيع فاش شره عليه.