الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } * { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } * { هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } * { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }

شرح الكلمات:

وإذا قيل لهم تعالوا: أي معتذرين.

لووا رؤوسهم: أي رفضوا الاعتذار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ورأيتهم يصدون: أي يعرضون عما دعوا إليه وهم مستكبرون.

سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم: أي يا رسولنا.

لن يغفر الله لهم: أي إيأس من مغفرة الله لهم.

إن الله لا يهدي القوم الفاسقين: أي لأن من سنة الله أنه لا يهدي القوم الفاسقين المتوغلين في الفسق عن طاعة الرب تعالى وهم كذلك.

يقولون: أي لأهل المدينة.

لا تنفقوا على من عند رسول الله: أي من المهاجرين.

حتى ينفضوا: أي يتفرقوا عنه.

لئن رجعنا إلى المدينة: أي من غزوة كانوا فيها هي غزوة بني المصطلق.

ليخرجن الأعز منها الأذل: يعنون بالأعز أنفسهم، وبالأذل المؤمنين.

ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين: أي الغلبة والعلو والظهور.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الحديث عن المنافقين فقوله تعالى في الآية [5] { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ } وذلك عندما قال ابن أُبي ما قال من كلمات خبيثة منها قوله في المهاجرين: سمن كلبك يأكلك. وقوله لصاحبه: لا تنفقوا على المهاجرين حتى يتفرقوا عن محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله مهدداً لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز يعني نفسه ورفاقه المنافقين الأذل يعني الأنصار والمهاجرين. فلما قال هذا كله وأكثره في غزوة بني المصطلق وأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء فحلف بالله ما قال شيئاً من ذلك أبداً وذهب فنزلت هذه السورة الكريمة تكذبه.

ولما نزلت هذه السورة بفضيحته جاءه من قال له: يا أبا الحباب " كنية أبن أبي " إنه قد نزل فيك آي شِداد فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك فلوى رأسه أي عطفه إلى جهة غير جهة من يخاطبه وقال: أمرتموني أن أؤمن فآمنت وأمرتموني أن أعطى زكاة مالي فأعطيت فما بقي إلا أن أسجد لمحمد صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآيات الثلاث وإذا قيل لهم تعالوا أي معتذرين يستغفر لكم رسول الله. لووا رؤوسهم أي رفضوا العرض ورأيتهم يصدون عنك وهم مستكبرون والمراد بهم ابن أبي عليه لعائن الله قال تعالى لرسوله: سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم فأيأس رسوله من المغفرة لهم، وعلل تعالى ذلك بقوله: إن الله لا يهدي القوم الفاسقين وابن أبي من أكثر الفاسقين فسقاً! إذ جمع بين الكذب والحلف الكاذب والنفاق والشقاق والعداء والكبر والكفر الباطني وذكر تعالى قولات هذا المنافق واحدة بعد واحدة فقال هم الذين يقولون: لا تنفقوا على من عند رسول الله أي قال لإِخوانه لا تنفقوا على المهاجرين حتى يتفرقوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرعه رب العزة وأدبه ببيان فساد ذوقه ورأيه فقال تعالى: { وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فجميع الأرزاق بيده وهو الذي يرزق من يشاء والمنافق نفسه رزقه على الله فكيف يدعى أنه إذا لم ينفق على من عند رسول الله يجوعون فيتفرقون يطلبون الرزق بعيداً عن محمد صلى الله عليه وسلم.

السابقالتالي
2