الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ }

قوله تعالى { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً } كان موسى فى بداية حاله فى مقام العشق والمحبة وكان اكثر احوال مكاشف فى مقام التباس فلما حان بدر كشفه جعل سبحانه الشجرة والنار مرأة فعلية فتجلى بجلاله وجماله من ذاته سبحانه لموسى واوقع موسى فى رسوم الانسانية حتى لا يفزع ويدنى من النار والشجرة ثم ناداه منها بعد ان كاشف الله مشاهدة جلاله ولولا ذلك لفنى موسى فى اوّل سطوات عظمته وعزته ومعنى بورك من فى النار انه تعالى وتقدس عن المثال والخيال اراد به نفسه المقدس الذى يزيد بركة مشاهدة موسى فالندامة وهو كلامه السرمدى المبارك ذاته وصفاته بورك قدس عن اشارة كل مشبهى اشار اليه بالاماكن للجهات هو تعالى تجلى بوصف النار والنور من الشجرة والطور ذاته وصفاته منزه عن الجملة وهو نادران يرى نفسه لعاشقه بكل ما يليق بحاله ولم يتجل له صرفا من عزة ذاته وجلال صفاته لا يحتملها الكون والكائنات باسرها بل هذا تربية العاشق ربما يرى نفسه من شجرة وربما يرى نفسه من الشمس والقمر والكواكب وغيرها من آيات ملكوت السماوات والارض لذلك قال ابراهيم هذا ربى وقال عليه السّلام " ان الله تعالى يرى هيئة ذاته كيف شاء " ويجوز ان تلك البركة تعود الى موسى من مشاهدة من النار وفى كل موضع تظهر بركة كشف مشاهدة الحق يكون مباركا بركة الا ترى الى قول القائل
اذا نزلت سلمى بواد فماؤها   زلال وسلسال وشيحانها ورد
قال ابن عطاء اصبتك بركة النار بموارد الانوار عليك ومخاطبة الحق اياك فانك انست فى الزاهر ناراً وانست به وكان فى الحقيقة انوارا فازال عنك انسك بها وخصك بالانس بنورها فكلمك وثبتك عند الكلام خصصت بها من بين جميع الرسل.