الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } * { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

{ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنفَضُّوا } دوموا على عدم الإِنفاق على من عنده حتى يتفرقوا أو حتى للتعليل، وهذا استئناف فى ذم عبد الله بن أُبى وأصحابه ويضعف ما قيل أنه تعليل جملى لقوله: لا يهدى القوم الفاسقين، وتقدمت قصة زيد بن أرقم فى هذه الآية. وفى الترمذى ولى منه نسخة مجودة محشى عليها عن زيد بن أرقم: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان معنا ناس من الأَعراب وكنا نبتدر الماء، وكان الأَعراب يسبقوننا إِليه، فيسبق الأَعرابى أصحابه فيملأ الحوض ويجعل حوضه حجارة ويجعل النطع عليه حتى يجئ أصحابه، فأَتى رجل من الأَنصار فأَرخى زمام ناقته لتشرب فأَبى أن يدعه، فانتزع حجرا ففاض فرفع الأَعرابى خشبة فضرب رأس الأَنصارى فشجه، فأَخبر الأَنصارى عبد الله بن أُبى رأس المنافقين فغضب وكان من أنصاره فقال: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا يعنى الأَعراب، ثم قال لأَصحابه إِذا رجعتم إِلى المدينة فليخرج الأَعز منها الأَذل، وأنا ردف عمى وسمعت ما قال عبد الله فأَخبرت عمى فأَخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى آخر ما مر، وإِنما قال عبد الله وأصحابه رسول الله منافقة من جملة نفاقهم، فإِنه لم يعتقد رسالته أو قالوه تهكما أو لأَن لفظ رسول الله كالعلم عليه، قصد عنه الذات دون الرسالة أو أرادوا رسول الله عندكم أو قالوا على من عند محمد فذكر الله تعالى بدل هذا اللفظ رسول الله إِكراما له ونقضا لإِنكارهم.

{ وَللهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } لا ينفضون بترك الإِنفاق عليهم لأَن الله الذى له الخزائن كلها ينفق عليهم، والخزائن بمعنى المملوكات المحافظ عليها لعزتها لا خصوص الأَرزاق والأَجسام فإِنه ليس فى السماوات طعام ولا لباس، أو أراد الأَمطار من جهة السماوات والأَمطار فى ضمنها المطعوم والمشروب والواو للحال { وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ } المذكورين { لاَ يَفْقَهُونَ } لجهلهم بالله وأفعاله وصفاته فهم يقولون: ما يقول المشركون إِذ فى قلوبهم الإِشراك والفقه أبلغ من العلم فنفى العلم أبلغ من نفى الفقه فذكر هنا الفقه وفيما يأتى العلم، فأُوثر ما هو أبلغ لما هو أدعى له. { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا } يعنون عبد الله بن أُبى وأصحابه أو أراد عبد الله نفسه، فإِنه القائد ونسب لأَصحابه أيضا لأَنهم راضون بقوله { الأَذَلَّ } يعنون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى أعز الله أو إِياه والمؤمنين، فتكون (الـ) للجنس وقد أعزهم الله { وَللهِ الْعِزَّةُ } ضد الذلة والكبر ضد التواضع وقيل العزة صفة تنافى المغلوبية ولا بأس فى نسبة المعنيين إِلى الله ورسوله والمؤمنين وكبر الإِنسان جهله بنفسه وإِنزالها فوق منزلتها وعزته معرفته بحقيقة نفسه وإِكرامها أن لا يحطها { وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } لا لغير الله ورسوله والمؤمنين ولا لغير الله ورسوله والمؤمنين مع الله ورسوله والمؤمنين فالتقديم للحصر ولرسوله وللمؤمنين فى نية التقديم على العزة وأُعيدت اللام للتأكيد والفرق بين عزة الله عز وجل وهى ذاتية وعزة رسوله بالرسالة وعزة المؤمنين باتباع الرسالة، وكان لعبد الله بن أُبى ولد سماه عبد الله صحابى.

السابقالتالي
2 3 4