الرئيسية - التفاسير


* تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ }

ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن الكفار الذين أرسل إليهم نبينا صلى الله عليه وسلم، ألفوا آباءهم ضالين: أي وجدوهم على الكفر، وعبادة الأوثان، فهم على آثارهم يهرعون: أي يتبعونهم في ذلك الضلال والكفر، مسرعين فيه، جاء موضحاً في غير هذا الموضع كقوله تعالى عنهم:قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ } [البقرة: 170] وقوله عنهم:قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ } [المائدة: 104] وقوله عنهم:إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [الزخرف: 23]. وقوله عنهم:إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا } [إبراهيم: 10] الآية، ورد الله عليهم في الآيات القرآنية معروف كقوله تعالى:أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } [البقرة: 170] وقوله:أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } [المائدة: 104] وقوله تعالى:قُلْ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَآءَكُمْ } [الزخرف: 24].

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: { فَهُمْ عَلَىٰ آثَارِهِمْ } أي فهم على اتباعهم، والاقتداء بهم في الكفر والضلال، كما قال تعالى عنهم:وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [الزخرف: 23].

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: { يُهْرَعُون } ، قد قدمنا في سورة هود أن معنى { يُهْرَعُون }: يسرعون ويهرولون، وأن منه قول مهلهل:
فجاءوا يهرعون وهم أسارى   تقودهم على رغم الأنوف