الرئيسية - التفاسير


* تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

هذه تقابل قولهالمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض } التوبة 67 لبيان أنّ الطائفة التي ينالها العفو هي الملتحقة بالمؤمنين. فالجملة معطوفة على جملةالمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض } التوبة 67 وما بينهما جمل تسلسل بعضها عن بعض. وقوله { بعضهم أولياء بعض } مقابل قوله في المنافقينبعضهم من بعض } التوبة 67. وعبّر في جانب المؤمنين والمؤمنات بأنّهم أولياء بعضٍ للإشارة إلى أنّ اللحمة الجامعة بينهم هي وَلاية الإسلام، فهم فيها على السواء ليس واحد منهم مقلّداً للآخر ولا تابعاً له على غير بصيرة لما في معنى الولاية من الإشعار بالإخلاص والتناصر بخلاف المنافقين فكأنّ بَعضَهم ناشىء من بعض في مذامّهم. وزيد في وصف المؤمنين هنا { يقيمون الصلاة } تنويهاً بأنّ الصلاة هي أعظم المعروف. وقوله { ويؤتون الزكاة } مقابل قوله في المنافقينويقبضون أيديهم } التوبة 67. وقوله { ويطيعون الله ورسوله } مقابل قوله في المنافقيننسوا الله } التوبة 67 لأنّ الطاعة تقتضي مراقبة المطاع فهي ضدّ النسيان. وقوله { أولئك سيرحمهم الله } مقابل قوله في المنافقينفنسيهم } التوبة 67. والسين لتأكيد حصول الرحمة في المستقبل، فحرف الاستقبال يفيد مع المضارع ما تفيد قد مع الماضي كقولهولسوف يعطيك ربك فترضى } الضحى 5. والإشارةُ للدلالة على أنّ ما سيرد بعد اسم الإشارة صاروا أحرياءَ به من أجلِ الأوصاف المذكورة قبل اسم الإشارة. وجملة { إن الله عزيز حكيم } تعليل لجملة { سيرحمهم الله } أي أنّه تعالى لعزّته ينفع أولياءه وأنّه لحكمته يضع الجزاء لمستحقّه.