الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً }

اختلف أهل التأويـل فـي معنى ذلك، فقال بعضهم: معناه: إن الله عرض طاعته وفرائضه علـى السموات والأرض والـجبـال علـى أنها إن أحسنت أثـيبت وجوزيت، وإن ضيعت عوقبت، فأبت حملها شفقاً منها أن لا تقوم بـالواجب علـيها، وحملها آدم { إنَّهُ كانَ ظَلُوماً } لنفسه { جَهُولاً } بـالذي فـيه الـحظّ له. ذكر من قال ذلك: حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: ثنا هشيـم، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جُبَـير، فـي قوله: { إنَّا عَرَضْنا الأمانَةَ علـى السَّمَوَاتِ والأرْضِ والـجِبـالِ فَأَبَـيْنَ أنْ يَحْمِلْنَها وأشْفَقْنَ مِنْها } قال: الأمانة: الفرائض التـي افترضها الله علـى العبـاد. قال: ثنا هشيـم، عن العوّام، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { إنَّا عَرَضْنا الأمانَةَ علـى السَّمَوَاتِ والأرْضِ والـجِبـالِ فَأَبَـيْنَ أنْ يَحْمِلْنَها } قال: الأمانة: الفرائض التـي افترضها الله علـى عبـاده. قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا العوّام بن حوشب وجويبر، كلاهما عن الضحاك، عن ابن عبـاس، فـي قوله { إنَّا عَرَضْنا الأمانَةَ }... إلـى قوله { جَهُولاً } قال: الأمانة: الفرائض. قال جويبر فـي حديثه: فلـما عرضت علـى آدم، قال: أي ربّ وما الأمانة؟ قال: قـيـل: إن أدّيتها جزيت، وإن ضيعتها عوقبت، قال: أي ربّ حملتها بـما فـيها، قال: فما مكث فـي الـجنة إلا قدر ما بـين العصر إلـى غروب الشمس حتـى عمل بـالـمعصية، فأُخرج منها. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن سعيد، عن ابن عبـاس أنه قال فـي هذه الآية { إنَّا عَرَضْنا الأَمانَةَ } قال: عرضت علـى آدم، فقال: خذها بـما فـيها، فإن أطعت غفرت لك، وإن عصيت عذّبتك، قال: قد قبلت، فما كان إلا قدر ما بـين العصر إلـى اللـيـل من ذلك الـيوم حتـى أصاب الـخطيئة. حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله { إنَّا عَرَضْنا الأمانَةَ علـى السَّمَوَاتِ والأرْضِ والـجِبـالِ } إن أدّوها أثابهم، وإن ضيَّعوها عذّبهم، فكرهوا ذلك، وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيـما لدين الله أن لا يقوموا بها، ثم عرضها علـى آدم، فقبلها بـما فـيها، وهو قوله: { وَحَمَلَها الإنْسانُ إنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً } غرّاً بأمر الله. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { إنَّا عَرَضْنا الأمانَةَ }: الطاعة عرضها علـيها قبل أن يعرضها علـى آدم، فلـم تطقها، فقال لآدم: يا آدم إنـي قد عرضت الأمانة علـى السموات والأرض والـجبـال، فلـم تطقها، فهل أنت آخذها بـما فـيها؟ فقال: يا ربّ: وما فـيها؟ قال: إن أحسنت جُزِيت، وإن أسأت عُوقبت، فأخذها آدم فتـحملها، فذلك قوله: { وَحَمَلَها الإنْسانُ إنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً }.

السابقالتالي
2 3 4 5